عبد الجبار الجبوري
تواجه حكومة محمد شياع السوداني،والعملية السياسية كلها ،عاصفةً من الصراعات ،على النفوذ والمناصب والمكاسب،تنّذر بإنهيارٍ وشيك وخطير، والتي بموجبها تشكّلت الحكومة، على أساس المحاصصة الطائفية وتوزيع الغنائم، وهذه الصراعات وصلت حتى داخل الكتلة الواحدة ،بدأت في الإطار التنسيقي،حيث ظهرت تصريحات تؤكد ،وجود خلافات بين الخزعلي والمالكي حول مناصب أمنية حساسة ، ثم تحوّل الخلاف بين السوداني والإطارالتنسيقي،الذي يريده (لُعبةً بيديه)، يمْلي عليه القرارات ،ويرّجع إليه بكل كبيرة وصغيرة،فتمرّد عليه،وإتخذ قرارات تعدّ خروجاً واضحاً على طاعة الإطاروزعمائه،منها تصريحه، على (ضرورة إبقاء القوات الأمريكية في العراق)،في حين كان أهم وأول شعار رفعه زعماء الإطارقبل تشكيل الحكومة،هو (إخراج القوات الامريكية من العراق)،وردّه على إعتراضات قادة إيران( بتسّمية الخليج العربي بخليج فارس)،كان رداً مدوّياً وخروجاً عن العباءة الايرانية،وهو مافاجأ الإطار وقادة إيران معاً،حقيقة السوداني، يواجه أكثر من معركة في مواجهة خصومه، ومنها وأبرزها معركة( إرتفاع الدولار)، والبنوك الإسلامية ،الذي تهرّبه الى إيران وغيرها ،رغم أنه إتخذ قرارات مهمة لصالح البلاد،منها توقيع إتفاقية الكهرباء مع شركة سيمينز الالمانية، وتثبيت الآلآف من الخريجين، والرعاية الاجتماعية، وومواجهة أخطر عملية فساد تأريخي في العراق، وهي مايطلق عليها ب(سرقة القرن)،وكشف حيتانها الكباررغم أنه لم يلق القبض عليهم للآن،ولكن يبقى الصراع بين حزب الاتحاد الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني، هو الأخطر على العملية السياسية كلها، والتي يطالب فيها بافل طالباني بالإنفصال عن أربيل، وإعلان كيان خاص بحزبه،والذي يريد الإستحواذ على مناصب حساسة ومهمة ،في كل من السليمانية وأربيل ،لفرض هيمنته بشكل كامل عليها،والذي فجّر الصراع ،هو إغتيال أحد كبار الأمنيين التابعين لحزب الاتحاد الوطني في وسط اربيل،الصراع مازال يتصاعد، في غياب التفاوض والتفاهم بين الحزبين، ولكنه مازال يشكّل خطراً حقيقياً على وحدة ومستقبل الإقليم ( لاسامح الله)،أما صراع رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي ، مع أعضاء كتلته السيادة ،فهو يرتقي الى مستوى فضائح،فقد وصلت بينهم الى إستخدام (القنادر) أجلّكم الله ،أجزم أن كتلة إسمها السيادة قد أصبحت ماضٍ لاقيمة لها وخسر الحلبوسي جماهيره، في المدن التي أوصلته الى سدة البرلمان،لقد تفلشت الكتلة، بخروج أعضائها منها،فقد رفض ديكتاتورية الحلبوسي أعضاء بارزين (12عضواً)،منذ اليوم الاول لتنصيب الحلبوسي رئيساً لمجلس النواب، (بصفقة) مع الاطار، ومن هؤلاء النواب النائب الشيخ محمد العبد ربة والشيخ ثابت العباسي ونايف مكيّف،وذلك لإستحواذه على المناصب، وعدم منح نينوى استحقاقها الإنتخابي، وكلذلك تفرّد في اتخاذ القرارات بمزاجية ونرجسية، ومراهقة سياسية واضحة،وتوالت الإنشقاقات والإنسحابات ، العلنية والسريّة من كتلته،فمن اهذه لإنسحابات السرية، إنسحاب النائب فلاح الزيدان وثلاثة معه وغلق مقراته في نينوى، وإنسحاب النائب جميل عبد سباك الحديدي ووطبان جميل وخالد سلطان هاشم ،ولم يبقْ لحزب تقدم ،إلاّ النائب بسمة بسيم في الموصل،أما الإنسحابات العلنية،فإنسحاب النائب رعد الدهلكي وجماعته في ديالى، وإقالة (إستقالة) النائب ليث الدليمي،والجلسة العاصفة بمقر (عزم) بحضور السيد خميس الخنجر وأعضاء كتلة العزم،وما دار وجرى في الجلسة ، من معركة كلامية جارحة وشتائم وسباب بين الحلبوسي والنائي سالم العيساوي،(إذا ثبت وصدق مشعان)،فيشكّل سابقة خطيرة،وحرق المراكب كلها ،بين الحلبوسي وكتلة عزم والسيادة،وأزاء هذه الفضائح ،والإنسحابات ،فننتظر ظهور كتلة جديدة تضع الأمور في نصابها، خاصة وإن كتلة الحلبوسي السيادة ،قد أعلنت وهددّت بشكل صريح ،إنسحابها من حكومة السوداني،(إذا لم تنفذ الشرط المتّفق عليها مع الإطارقبل تشكيل الحكومة)،والتي نقض العهد والوعد الإطار التنسيقي في تنفيذها، ومنها المساءلة والعدالة وملف النازحين والمغيبين، والتوازن في الجيش والأجهزة الامنية وغيرها،إذن العملية السياسية برمتها، في وضع لا تحسد عليه، وربما تنهار بأية لحظة،بسبب تغوّل الكتل والأحزاب ، في اللهاث على المناصب والمكاسب والنفوذ، ولهذا دخلت إدارة الرئيس بايدن على الخط، وأرسلت مبعوث الرئيس بوفد يرأسه مستشاره بريت ماكورك الى بغداد ، لإستدعاء السوداني ووزير خارجيته الى واشنطن في شباط القادم ، لدعم حكومة السوداني ومنعها من الإنهيار، وذلك بإتخاذ جملة إجراءات سياسية ومالية وأمنية، فلهذا أعلن السيد السوداني بقاء القوات القوات الامريكية والاجنبية في العراق لحاجته لها،وقبل هذا أعلنت إدارة بايدن جملة إجراءات سريعة ،عن طريق البنك الفدرالي الأمريكي، بوضع 19 بنك اسلامي عراقي تابع للاحزاب ،على لائحة العقوبات ومنع البنك المركزي العراقي من التعامل معها،والتي إتهمتها إدارة بايدن ،(بتهريب العملة والدولار الى إيران)، و(ضخ إيران عملة عراقية مزيفة داخل العراق، وتحويلها الى دولارات ونقلها الى ايران)،حسب مزاعم وإتهامات أمريكا والبنك الفدرالي والبنك الدولي،في وقت تشهد ايران إضطرابات وتظاهرات غاضبة من شعبها ،وبدعم وتحريض أمريكي وأوربي واضح،أدّى الى انخفاض تاريخي غير مسبوق للتومان الايراني،هذه الأزمات التي تعصف بحكومة السوداني ،من أزمات داخلية أخرى، اقتصادية بغياب الخدمات في الصحة والتعليم والكهرباء والفساد التاريخي بوزارات ودوائر الدولة ،وأمنية بتربص تنظيم داعش الارهابي في أكثر من محافظة وتهديده الامن العراقي والمدن العراقية، مستثمراً الصراعات بين الكتل والحكومة ،والدليل قيامه بعمليات اجرامية خاطفة في كركوك وديالى ونينوى والانبار، مما يعزّز القناعة بأن وجود القوات الاجنبية والامريكية ،ضرورة لإبقاء حكومة السوداني،واقفة على رجليها لفترة أطول، لما تواجهه من صراعات وإنشقاقات وأزمات، لاتستطيع الخروج منها الاّ بالإنهيار ، وهذا أشدُّ مايخشاه الأمريكان وإدارة الرئيس بايدن، لهذا نرى الأهتمام الأمريكي غير المسبوق ، بزيارات يومية للسفيرة الامريكية وطاقمها،وقائدالجيوش الأمريكية الوسطى في الشرق الاوسط ،وإستدعاء السوداني وحكومته الى واشنطن، لوضع آلية لمنع إنهيار الحكومة، يضاف الى ذلك، أصبح الملف العراقي بيد بريطانيا، بالإتفاق والتخادم الامريكي – البريطاني،وهذا يظهرتوافق أمريكي – بريطاني في الموقف من إيران،وتصاعد الخلاف الإيراني والبريطاني ،الذي وصل الى مديات خطيرة جداً، خاصة بعد إعدام إيران علي رضا أكبري،نائب وزير الدفاع الايراني السابق ،وهو بريطاني الجنسية، ثم قيام بريطانيا بالتهديد والرد القوي ، وضع الحرس الثوري الإيراني على لائحة الإرهاب العالمي، ومن ورائها فرنسا والمانيا والسويد والنرويج والنمسا، وهذا تحوّل خطير جداً،من اوروبا ضد ايران، ليس بصالحها ، ويهدد نفوذها في منطقة الشرق الاوسط ويحجمه،لاسيما وأنها تشهد تظاهرات في أغلب مدنها ،تطالب برحيل النظام،ولكن مايعنينا هنا أكثر، هو الى أين يمضي مستقبل العملية السياسية في العراق، وسط هذا الصراع المحمّوم على المناصب، والإستفراد بالقرار السياسي والعسكري،والفساد التأريخي ،الذي يضرب جميع مرافق ووزارات الدولة ،ويشلُّ حركتها بالكامل،هذا هو السؤال الذي يقلق الشارع العراقي الآن،أما مصير ومستقبل الأحزاب والساسة والكتل الفاسدة والفاشلة،فلا يهمه مصيرها، لأنه يعرف تماماً ويدرك ،أن مصيرها الزوال الأكيد،إن لم يكنْ اليوم فغداً،وإنّ غداً لناظره لقَريب....
إرسال تعليق