مرة أخرى : الأطماع الإسرائيلية في الأردن

مشاهدات




نضال العضايلة 


يستمر الغزو اليهودي الناعم للأراضي الأردنية وتزوير تاريخها، ويعيد هذا الغزو فتح الباب على مصراعيه، في العديد من القضايا، وفي مقدمتها البتراء التي تضم في جنباتها ضريح النبي هارون الذي لا يعرف اذا ما كان موجوداً بالفعل في البتراء ام لا. 

الإسرائيليون لا يفتأوون يروجون للبتراء على أنها واجهة سياحية لهم، ما يؤكد الأطماع الصهيونية فيها، وكانت إعلانات إسرائيلية نشرت، العام الماضي، عن رحلات دينية إلى مدينة البتراء، قد أثارت ضجة كبيرة بين الأوساط الأردنية، إذ كان أحد الإعلانات المنشور باللغة العبرية، قد أشار إلى البتراء بأنها مدينة في إسرائيل ووصفها "بأرض الأجداد"، وأن تذاكر السفر إليها تشمل التمتع بكافة "الطقوس الدينية"، خاصة أن الإعلان قد وضع عليه صورة مدينة البتراء، التي تضم مقام النبي هارون. 

ولا زال الكيان الصهيوني يخطط لإسكان أربعة ملايين يهودي في جنوب الأردن، وهو مدون في مواقعهم، وأن ما حدث العام الماضي في مسجد (النبي هارون) أكبر مثال على ذلك. 

وكان غضب عارم اجتاح الشارع الأردني في العام 2019 عقب انتشار مقاطع فيديو لسياح إسرائيليين يقومون بطقوس تلموديّة في منطقة البتراء وداخل مقام النبي هارون في إقليم البتراء، وطالب سياسيون وناشطون بمحاسبة المسؤولين المقصرين لإتاحتهم الفرصة أمام الإسرائيليين لدخول المنطقة والمقام. 

الملفت للنظر أنه لم يثبت تاريخيا أن هناك مقام للنبي هارون في البتراء، فالنبي هارون مات في سيناء ودفن فيها، إلا أن المسجد الموجود في أعالي البتراء أو ما يسمى بجبل هارون كان موقعاً عسكرياً مملوكياً. 

الأطماع اليهودية في الديار الأردنية تطل برأسها بين الحين والآخر، فلا يفتأ الكيان الصهيوني اللقيط أن يعلن على رؤوس الأشهاد، ومن هذه الأطماع، فالسائحون اليهود عندما يأتون إلى الأردن ليس للسياحة كما يزعمون بل لاكتشاف آثار أجدادهم وأماكن تنقلهم، لأنهم يعتقدون، كما في أسفار التوراة المحرَّفة: أنهم أقاموا في الأردن، واستوطنوها قبل أن يدخلوا فلسطين ويفتحوها، ولهذا يزعمون أن الأردن لهم قبل فلسطين، وأنهم أقاموا فيها قبل أن يدخلوا في فلسطين. 

لهذا يعتقدون أن حقهم التاريخي في الأردن أسبق من حقهم في فلسطين، وهم يرسمون خط مسيرهم بعد خروجهم من مصر، بقيادة موسى وهارون -عليهما السلام-، حيث مروا على سيناء، وأقاموا فيها فترة من الزمان، ثم عبروا سيناء إلى وادي عربة، ثم عبروا وادي عربة إلى وادي الموجب، حيث لم يشاؤوا أن يمروا على (المؤابيين) الذين كانوا يسكنون جنوب وادي الموجب، ولذلك فهم يسمون وادي الموجب (نهر أرنون). 

لم تدفن إتفاقية وادي عربية والتي تعتبر اتفاقية ذل وعلى بالنسبة للمواطن الأردني، أطماع إسرائيل في الأردن، كونها ما تزال تعتبر المملكة حتى بعد سريان الاتفاقية وطنا بديلا للفلسطينيين، وتعمل على تثبيت الحلم الصهيوني، وترسيخه أمام دول العالم بشتى السبل. 

اسرائيل عدو معروف للعرب والدليل بأن سياساتها التوسعية لم تتغير سنتمتر واحد منذ خمسة عقود على الأقل إسرائيل لعبت على تناقضات الدول العربية و أصبحت القضية الفلسطينية والقضايا العربية عموما مرمى لتجاذبات دول وقوى إقليمية ودولية تستطيع الدخول بأي وقت واللعب على أوتار قبلية وطائفية وإحداث شرخ عميق والهدف سرقة مقدرات وثروات الدول العربية وذرع بذور الخلافات العقيمة وتمهيد الطريق لإسرائيل للدخول إلى المنطقة.

0/أرسل تعليق

أحدث أقدم