شرعية الإتفاق مع الكرد

مشاهدات



وسام رشيد 


يبدو إن الأوضاع بلغت مرحلة متقدمة من الإختناقات في التعامل بين إقليم كردستان والمركز، حتى وصل الأمر الى أن يكون لإجتماع لجنة التفاوض والحل رئيسان هما مصطفى الكاظمي رئيس الوزراء ومحمد الحلبوسي رئيس مجلس النواب، في سابقة نادرة في العرف السياسي والسيادي للحكومات والرئاسات العراقية، وبإطار حل المشكلات العالقة بين أربيل وبغداد، وهي مهام حكومية بالدرجة الأساس، ومن إختصاص السلطة التنفيذية المتمثلة بمجلس الوزراء والمحافظات المجاورة للإقليم وأركان القيادة العامة للقوات المسلحة بتشكيلاتها ذات العلاقة أو التماس مع كيان الإقليم الكردستاني غير راسخ المعالم والحدود والسياسات على حدٍ سواء، في التعامل مع كافة المستجدات التي تطرأ بين الحين والآخر، كالحرب على الإرهاب ومتطلباتها، والأزمة الإقتصادية وهبوط أسعار النفط، ومسألة كركوك، والإستفتاء وتداعياته الخطيرة والمفصلية على العراق والأقليم بشكل خاص والتي تعدُّ نقطة تحول في السياسات الدولية والإقليمية إزاء المركز والإقليم.

دخول رئيس مجلس النواب على خط التفاوض والإشراف المباشر يعني أمرين أولهما؛ فشل أو تعدد الثغرات في الإتفاقات السابقة مما يجعلها غير قابلة للتطبيق أو محل شك بالنسبة للأطراف المتضررة أو التي تتظلم إعلامياً وتحاول خلق مزاج عام شعبي مناطقي ضاغط، والأمر الآخر؛ هو ضمان شرعية دستورية وقانونية لبناء مبادئ إتفاق يسري بشكل شرعي، ورعاية برلمانية، ممثلة للجميع، تكون فيها المسؤولية مشتركة، فضلاً عن الرقابة وتحديث الآليات المتفق عليها سابقاً، وردم الثغرات، مع إمكانية ضمان حقوق المواطنين في شمال العراق وجنوبه على حدٍ سواء، فيما عدا القيمة الإعتبارية لأي إتفاق وطني يحفظ السيادة الوطنية، والمصالح الذاتية للإقليم والمحافظات، في ظل تداخل واضح للصلاحيات والتعاطي مع المشاكل بطرق بدائية، وبمنظور فئوي تغلب عليه المصلحة الحزبية، والمناطقية، ولا يخلو من طموحات ونزعات إنفصالية تتواصل بداخلها بناء مراكز قوىٰ تتعامل بإستقلالية عن القرار الوطني الجامع، وتقيم علاقات خارجية بعيدة عن رعاية الحكومة المركزية، التي تتراجع في أحيان كثيرة عن تلك الحقوق السيادية لحساب توافقات ومواقع ومسؤوليات إدارة الدولة والسلطة على مدى سبعة عشر عاماً ، وهو عمر العملية السياسية،  تحت عنوان عراق فيدرالي موحد، وقبلها وما عانت من سياسات جائرة وغير متزنة للنظام السابق، الذي أسس لتلك الفوضى وعدم الوضوح في الثوابت والمتغيرات في منطقة تتعايش فيها قوميات وإثنيات مختلفة، وتختلط مع جنسيات أخرى خارج حدود الوطن الطبيعية.

بدأ الجدل الواسع الذي أحدثه الإتفاق بين ممثلي حكومة المركز والإقليم فيما عُرف بـ "إتفاق سنجار"، وإمكانية تطبيقه عملياً، وردود الفعل المتباينة حول رفضه أو قبوله، رافق ذلك مجموعة من المتغيرات في العراق والمنطقة ودول الجوار ونتائج الإنتخابات الأميركية، وإنهيار السيولة النقدية لدىٰ المواطن، وقانون الإقتراض، ومبيعات النفط من الإقليم، والتظاهرات الحاشدة والمستمرة في السليمانية، وتبعاتها على الأمن الداخلي في كردستان، كل تلك العوامل ستساهم في بلورة رؤية أشد وإرادة سياسية أقوى لترجمة إتفاق تلتزم فيه الأطراف المعنية بشكل تام وبإشراف ورقابة نيابية تكون حجة على الجهات التنفيذية، وتغلب فيه مصلحة الموطن العراقي كردياً كان أو عربياً.

0/أرسل تعليق

أحدث أقدم