قصة الدهون الحيوانية وكيف تم شيطنتها

مشاهدات

 


 

عمر سعد سلمان

 

كان الناس قديماً يعتمدون على الدهون الحيوانية في الطبخ لغاية مطلع القرن العشرين الذي شهد تحولاً نحو الزيوت النباتية الصناعية بحجة انها أحد وسائل الوقاية من امراض القلب. ولم يكن هذا التحول سهلاً خصوصاً ان تغيير قناعات الناس تستلزم الكثير من الجهود المتظافرة بين الجهات الرسمية والمستثمرين بالمجال الجديد.
لقد تم شيطنة الدهون الحيوانية على نحو غير ملائم باعتبارها المذنب الغذائي المسبب لأمراض القلب، باعتبارها ترفع مستويات الكولسترول التي تسبب امراض القلب. وعلى الرغم من ان زيوت البذور الصناعية لم تكن جزءاً من حمية الانسان الغذائية خلال السواد الأعظم من تطورنا، وما من شعب يتمتع اليوم بصحة جيدة وعمر طويل يستهلك كميات كبيرة منها.
استطاع العالم الألماني نورمان عام 1901 من اكتشاف ان الزيوت السائلة تصبح صلبة عند استخدام محفز وحرارة واضافة الهيدروجين والتي أحدثت تحولاً كبيراً في صناعة الزيوت السائلة التي لم تكن مثالية للطبخ قبل هذا الاكتشاف، وقد تزامن ذلك مع وجود صعوبات في تلبية الطلب على الدهون الحيوانية مثل دهن الخروف والزبدة. وقد تم شراء براءة اختراع نورمان عام 1910من قبل شركة بروكتر وكامبل التي قامت بتسخير التقنية لابتكار اول الدهون المهدرجة جزئياً وعلى نطاق تجاري، والذي اعتبرها الكثيرون انجازاً عظيماً. رغم ان الدهون النباتية تمتلك الى حد كبير (نصف عمر طويل) مما يعني انها سوف تعلق داخل جسم الانسان طويلاً الا ان الحاجة كانت اكبر.
كان الكساد الكبير هو من أسوأ الازمات الاقتصادية العالمية في القرن العشرين والتي اندلعت عام 1929 واستمرت لمدة 10 سنوات سببت الفقر في جميع انحاء العالم، مما دفع سكان العالم الذين كانوا يستخدمون الدهون الحيوانية في الطبخ الى إحلال الزيوت النباتية المهدرجة جزئياً ذات السعر المقبول بدلاً عنها.
ازدادت الأمور سوءاً عندما بدأت الحرب العالمية الثانية حيث أصبحت الحاجة الى حفظ الأغذية امراً لا بد منه. وقد احتاجت الجيوش المحاربة الى الكليسرول وهو سائل مشتق من الدهون الحيوانية لصناعة القنابل لادامة الحرب، مما دفع الناس الى الاعتماد كلياً على الزيوت النباتية الصناعية.
بين الترويج والكساد الكبير والحرب العالمية الثانية غدت الدهون الحيوانية في الحضيض. رأت شركة بروكتر وكامبل فرصة لدفع ابتكارها بقدر اكبر الى الواجهة، فقررت دفع 1.75 مليون دولار لجمعية القلب الامريكية AHA للمصادقة على كريسكو والاعلان انه صحي اكثر من الدهون الحيوانية.

وافقت جمعية القلب الامريكية، وبتلك الموافقة، بات زوال الدهون الحيوانية من الحمية الغذائية للامريكيين امراً حتمياً. كانت المشكلة في مصادقة جمعية القلب الامريكية هذه هي عدم وجود دليل على ادعائها في حينه، لم تظهر ولا حتى دراسة واحدة تبرهن ان الدهون الحيوانية الطبيعية تشكل ضرراً على الاطلاق. غير انه تمت شيطنتها وطردها من الحمية الغذائية حول العالم اجمع. من الكعك والبسكويت الى الأطعمة المقلية.

0/أرسل تعليق

أحدث أقدم