نزار العوصجي
قداسة الحبر الاعظم البابا فرنسيس الكلي الطوبى ..
قد نكون غير منصفين حين نحملك كل همومنا دفعة واحدة ، في رسالة واحدة ، فانت من دفعنا للقيام بذلك ، بعد ان لمسنا مدى شجاعتك واصرارك على القيام بالزيارة رغم كل التحديات .. نحن نعلم ان همومنا كثيرة جداً ، لكننا لا نملك خيارات كثيرة لنقل معاناتنا لمسامع العالم ، لذا نرجو منك المعذرة كوننا غرقا في بحر الظلم ، نبحث عن من ينقذنا وينتشلنا من واقعنا المزري ، فوجدناك الربان الذي يقود سفينة النجاة في هذا الزمن الصعب ..
نعلم جيداً انهم قد استغلوك ، استغلوا وجودك بينهم ، مثلك مثل السيد المسيح عليه السلام حين صلب بين اثنان من اللصوص وهو يحدثهم عن الايمان عسى ان يهتدوا قبل ان يفارقوا الحياة ، لقد جسدت ذات الموقف قداستك حين وقفت وسط مجموعة من المجرمين لتحدثهم عن قيم الانسانية والعدالة والرحمة ، والدعوة الى التضامن الاخوي ، ونبذ التهميش والاقصاء والعنف ، والعيش بسلام ومكافحة الفساد ..
من سخرية القدر ان اغلب الحاضرين في هذه المناسبة ، هم ساسة المحاصصة والفساد والسرقة والقتل ، وهم يستمعون اليك متناسين ان خطبتك وما ورد فيها كانت موجهة اليهم حصراً ، وليس الى الشعب العراقي ، او الى الطائفة المسيحية المتبقية ، التي تعرضت الى ابشع صور التنكيل والتهجير اسوةً ببقية المكونات الاخرى من ابناء الشعب العراقي ، على ايدي نفس الوجوه التي تتواجد في القاعة التي تحدثت فيها ، ظناً منك بانهم قد يتعظوا ..
تكالبوا ليصافحوا يداك المباركة النظيفة ( ليطهروا أيديهم من دماء العراقيين ) ، فيغطوا بذلك على قذارة ما اقترفت ايدهم ، من جرائم سرقة وقتل وتشريد وتهجير ، بحق ابناء الشعب البسطاء الذين يطالبون بابسط الحقوق في العيش بكرامة وشرف ، نعم تكالبوا ليصلوا اليك ليظهروا في وسائل الاعلام ، فيسكبوا الشرعية امام العالم ، فيصوروا لكم ولمن يشاهدهم انهم ودعاء امناء نجباء ، وذلك عكس الحقيقة تماماً ، فهم ابعد ما يمكن عن مفهوم الشرف بكل تفاصيله ، وعن كل معانيه ..
نعرف جيداً انهم سيستغلون وجودك على ارض الرافدين ليمرروا فشلهم طوال ثمانية عشر عاماً من حكم مايسمى بالاحزاب الدينية ، فينشئوا شارعاً يتسع لمرور سيارة صغيرة ، وينظفوا ويدهنوا رصيفاً ملوناً ، وينيروا ركناً لم يرى النور منذ سنين طوال ، كما فعلوا في اور بيت ابا الانبياء ابراهيم عليه السلام ، فيسجلوا انجازاً امام العامة من البسطاء ، بالاضافة الى خداع الناظرين من خارج الوطن ، ليقولوا للعالم نحن المجني عليه والجاني هو الشعب الناكر للجميل ، وان الشعب متمرد ( لا يعجبه العجب ولا الصيام برجب ) ..
نعلم يا صاحب القداسة ان زيارتك للعراق تحمل في طياتها رسائل سلام للعراقيين بمختلف اطيافهم واديانهم ومذاهبهم وقومياتهم وانتمائتهم ، تنبذ العنف والاضطهاد والتفرقة ، الا ان الامل يحدونا في اضافة رسائل اخرى هي الاهم من وجهة نظرنا ، معنونة الى اشخاص محددين ، لديهم القدرة على وقف اعمال السرقة والنهب للمال العام والخاص ، الى جانب وقف جرائم القتل والخطف والاعتقال التي ترتكب بحق كل من يعارض سلوكياتهم ، وفي مقدمتهم الثوار العزل في عموم المحافظات ، كأنك تقول لهم ، عليكم ان تفهموا سبب الزيارة ، وهذا مغزاها الذي اريد ايصالها اليكم قبل فوات الاوان ..
احدى تلك الرسائل بل اهمها موجهة الى مصدر الفتاوى التي شرعت وحللت للصوص سرقة المال العام والخاص ، ومنحتهم الحق في حكم البلاد تحت ذريعة الاكثرية والمظلومية ، كما شرعت لانشاء الميليشيات الولائية التي تمارس كل انواع الفساد والافساد ، وختامها مسك حين افتت بانشاء الحشود بمختلف مسمياتها ، تحت ذريعة محاربة الارهاب ، متناسين ان راعية الارهاب الاولى في هذا العالم إيران ، ومن يفتي هي ايران وليس من يدعون ، واغلب الظن انك قد لمست هذا بنفسك حسب ما نعتقد ، ( كنت قد اسمعت لو ناديت حياً ، ولكن لا حياة لمن تنادي ) ..
عذراً صاحب القداسة ان كنا قد اطلنا في حديثنا ، فللحديث شجون كما يقال ، لذا تجدنا نستغرق ونسترسل حين نجد اذناً صاغية تتفهم معاناتنا بصدق ، فتميز مابين حقيقة المعاناة وكذب الخطابات المزيفة ، التي سمعتها من هؤلاء السياسيين .. بالمناسبة ان ما رأيته من اشلاء وبقايا مدينة في الموصل لم يكن بفغل الارهاب فقط ، بل انه تدمير متعمد لما تبقى من قيم الرجولة التي يتفاخر بها رجالها الابطال ، الذين دافعوا ببسالة عن ارض الوطن ضد المد المجوسي ، اسموه تحرير ..
نعلم أن معاناتنا والامنا ستصل إلى قلبك الكبير .. لذا يحدونا الأمل انك بحكمتك ومساعيك الطيبة بعون الله ستزيل هذه الألام والمعاناة من قلوب ونفوس ابنائك العراقيين الشرفاء ..
قبلاتنا إلى يدي قداستك الطاهرتين ...
إرسال تعليق