التحديات اللوجستية والسياسية للانتخابات العراقية القادمة

مشاهدات



يسعى السيد رئيس مجلس الوزراء “مصطفى الكاظمي” الى تهدئة الشارع العراقي الذي يغلي نتيجة عدم تحقيق الوعود التي اطلقها للشعب العراقي،  ولثوار تشرين في القضاء على الفساد ، ومحاسبة فتلة المتظاهرين ، وتقديمهم للعدالة ، وايجاد فرص عمل للعاطلين والخريجين ، ومع الذكرى السنوية الاولى لثورة تشرين التي انطلقت في 1/10/2019 حث الكاظمي الناخبين على ضرورة استكمال إجراءات التسجيل البيومتري ، وبنفس شدد في لقاء له في قناة العراقية على ضرورة اكمال مجلس النواب القوانين المتعلقة بالانتخابات وحل الخلافات المتعلقة بالدوائر المتعددة فضلا عن قانون المحكمة الاتحادية

ويحاول رئيس الوزراء ان يحسن من صورته امام الرأي العام الداخلي والخارجي من خلال التصريحات والزيارات او القاءات مع شرائح الشعب العراقي ، في محاولة لأرسال رسالة تطمينيه لشباب ثورة تشرين ، بأنه متابع لكل الاحداث المهمة التي تجري في العراق.

وطالب رئيس الوزراء المفوضية العليا للانتخابات ، باستكمال اجراءات اكمال التسجيل البايومترية للناخبين من اجل اجراء الانتخابات المبكرة مطلع حزيران 2021 ، واشار السيد مقداد الشريفي عضو مجلس المفوضين السابق في المفوضية العليا للانتخابات ، الى صعوبة او استحالة اجراء الانتخابات المبكرة في موعدها الذي حددته الحكومة في مطلع حزيران عام 2021 ، معللا ذلك لإجراءات فنية و مالية و لوجستية تحتاجها المفوضية ، من اجل اجراء انتخابات شفافة ونزيهة و بالوقت المحدد


تعليق

من المحتمل  ان السيد الكاظمي يتوقع بـ صعوبة او استحالة اجراء الانتخابات المبكرة في موعدها  المقرر ، ويحاول القاء الكرة في ساحة مجلس النواب لاسيما ان المجلس حتى الان يؤخر قانون المحكمة الاتحادية وقانون الانتخابات ولم يصادق عليهما ، للتخلص من الضغوط الشعبية والدولية التي تتعرض لها الحكومة

وبعد فشل مجلس النواب العراقي في جلسته يوم السبت الماضي الموافق 26/9/2020 على الاتفاق على صيغة نهائية لقانون الانتخابات وتعديل قانون المحكمة الاتحادية العليا ويبدوا التأخير ناتج عن خلافات جوهرية بين الكتل حول القوانين ،  وقد اثار في الأوساط الشعبية والسياسية لغط حول إمكانية اجراء الانتخابات في موعدها المقرر

وتعتبر العملية الانتخابية اوالانتخابات بشكل عام من اهم مبادئ و الممارسات الديمقراطية في دول العالم المتحضر ولكن مع الاسف وبسبب الضغوط السياسية والحزبية على المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق،  اصبحت هذه العملية الانتخابية وبالا و مضيعة للوقت والجهد وهدرا المال

و كانت انتخابات مجلس النواب عام 2018 دليل واضع وصارخ على عمليات التزوير وسرقة للوقت و المال والجهد ، وفي بحث صدر عن  بعثة الامم المتحدة في العراق والمنظمات الدولية الاخرى بعد انتخابات عام 2018 ، اشارت فيه الى ان نسبة المشاركة في الانتخابات لم يتجاوز 17% في عموم العراق ، مما يشير الى عدم قناعة الناخب العراقي بالعملية الانتخابية ، وقناعته بان نفس الوجوه يتم تكرارها في مجلس النواب ، بسبب سيطرة الاحزاب و الكتل السياسية على المشهد الانتخابي والسياسي في العراق.


تحليل

من المرجح ان هناك مشاكل وتحديات تعترض اجراء الانتخابات في الوقت المحدد ، وهناك مشاكل فنية و مالية و لوجستية امام المفوضية العليا للانتخابات في العراق ، وتصعب عليها اجراء انتخابات مبكرة و شفافة و نزيهة حسب طلب الشراع العراقي ،  وأهم معوق فني امام هذه المفوضية هو وجود اربعة ملايين بطاقة بيومترية لم تتسلم لحد الان؛  وهذه البطاقات تحتاج الى وقت وجهد كبير من اجل توزيعها بدقة ، وضمان وصولها الى الناخبين الفعليين

ومن التحديات التي تبرز حول كيفية منع سيطرة الاحزاب على هذه البطاقات، والا مشهد التزوير سيتكرر وبقوة في المشهد الانتخابي ، وهناك قضية مهمة جدا في قضية بلوغ مواليد 2003 عمر 18 عام ، وهو السن القانوني الذي يسمح لهم بالتصويت في انتخابات حزيران 2021 ، ويزيد عددهم على مليوني ناخب ، حيث تحاول الاحزاب والكتل السياسية السيطرة ، او الاستحواذ على بطاقات او ناخبي هذه الشريحة،

وهناك مشكلة مزمنة وهي النازحين الذين نزحوا خارج مدنهم الاصلية ، ولم يعودوا لحد الان الى مناطق سكناهم ، فغالبية هؤلاء لم يحدثوا البطاقة البايومترية للناخب ، وكانوا يصوتوا بطريقة التصويت المشروط في محافظة النزوح الى محفظاتهم الاصلية ، وهذه الطريقة غير ناجحة ومجدية ، سببت عمليات تزوير و مساومات كبيرة على النازحين من اجل الحصول على أصواتهم ، وهذا ما تنبه اليه مجلس النواب العراقي ومنع التصويت المشروط للنازحين ، وحصره بالتصويت البيومتري لهم ،

ومن المحتمل ان مدة ثمانية اشهر المتبقية لأجراء انتخابات المبكرة غير كافية من اجل تجاوز هذه التحديات الفنية، فضلا عن  المشاكل المالية كون العراق يمر بأزمة مالية حادة و خانقة ، ونحن في شهر تشرين الأول،  ولم يتم توزيع رواتب شهر ايلول ، ومبالغ الانتخابات المبكرة تكلف ميزانية الدولة من 200 مليون الى 300 مليون دولار او اكثر حسب طبيعة الانتخابات و الدوائر التي تحددها فكلما زاد عدد الدوائر الانتخابية كلما زادت التكاليف و مصاريف العملية الانتخابية.

وهناك مشاكل لوجستية تعاني منها المفوضية هي موضوع المراقبين المدربين وتدريب كادر متخصص بالعملية الانتخابية والنازحين الموزعين على محافظات العراق،  خارج محفظاتهم الاصلية ، فمرة استعانت المفوضية في انتخابات 2010 و 2014 بالكادر التربوي من المعلمين و المدرسين حصرا ، وبعض الفئات المدربة على العملية الانتخابية من اجل الاشراف على عملية الانتخابات ، ومرة استعانت بنقابة المحامين كما في انتخابات 2018 ، فهاتين الشريحتين تعتبرهم المفوضية شريحة مثقفة و مدربة ، وممكن التعامل معهما بسهولة من اجل الوصول الى عملية انتخابية شفافة و نزيهة…..

ومن المرجح ان يتعاضد شباب ثورة تشرين وجميع النقابات العاملة وشرائح المجتمع العراقي وتحمل مسئولية توعية الشارع العراقي بضرورة الاصرار على اجراء انتخابات حرة و شفافة ، ونزيهة ،و ضرورة تغيير الاشراف الدولي من النمط التقليدي الى مشاركة فعالة ذات حوكمة قانونية تمنع التزوير ، لتحقيق مشاركة فعالة و حقيقية من جميع ابناء الشعب العراقي ، وان مقاطعة الانتخابات ليست بحل ، ولا يوجد بديل غير الانتخابات من اجل تغير الوجوه الفاسدة القديمة بوجوه نظيفة جديدة تعمل على بناء عراق قوي مزدهر ، يعيش فيه جميع ابنائه تحت سقف احترام القانون و سيادته


الاستاذخالد العزاوي ؛ عضو الهيئة الاستشارية مركز صقر للدراسات


0/أرسل تعليق

أحدث أقدم