علي السوداني
الورق ينقرض ويموت وساعي البريد يودع دراجته الهوائية بغرفة الخردة ، ويعلق قبعته وبدلته الزرقاء بخزانة الملابس الفائضة .
الحياة الآدمية تتصخر وتتصحّر ، والكدمات تتوالى يابسةً مثل منظر وردة حمراء نائمة ببطن كتابٍ عتيقٍ صنعه أريك سيجال فصار ترنيمة وتنويمة مشهورة بباب مخدة عاشق .
فوق حوائط الضجيج الصاخبة ، صار بمستطاعك أن تستعمل وردةً ساكتة ألف مرة ومرات .
ستشتلها بنهاية رسالة غزل وحب ، وسترميها على قبر صديق ، وستحملها بيمينك صوب باب غرفة بيضاء بمشفى القلوب ، وقد تهديها إلى شحاذ نبيل في حال انثقاب الجيب والمعنى .
عند مفتتح المقهى سيستقبلك شاب ألكتروني وسيم ، ويلوّح لك بيمينه الواثقة مع رشقة حروف يابسة ، وعندما تعود إليه بعد عشر سنوات ستجده كما وجدته أول مرة .
شاب الاستقبال لم يكبر ولن تجد على رأسه الألكتروني أيَّة شعرة بيضاء ، وليس في وجهه مثقال ثنية جلد تشير إلى ركض السنين وتالياً رحلة الى دكان التجميل والتقبيح .
الوردة الجورية الحمراء والبيضاء والصفراء تشبه تماماً نادلة المقهى التي انحنت قليلاً مع فنجان القهوة . الروبوتات أخوة مهذبون وكرماء ولا يكلفون صاحب الدكان سوى شريحة ملساء ذكية قد تزرع بمؤخرة الرأس أو في أخمص القدم .
قبل خمس سنوات طلبت مني صديقتي العمونية الطيبة سهير الداوود أن أكتب عنها مرثية هائلة . ضحكت وقلت لها موتي يا صويحبتي البديعة وسوف أصنع لك أجمل المراثي .
ليلة موت الشاعرة كنت حزيناً وتالفاً وعلى كسلٍ عظيم ، لذلك اختصرتُ المسألة واستعملتُ إيقونة بكاء متاحة على الشاشة وبصمتها تحت النبأ اليقين .
لم يعد المعلم مكرهاً على التلويح بعصاه وتحريك لسان المزمار بحلقه أمام التلاميذ النجُب .
سيبقى أنيقاً نظيفاً بعيداً عن ذرات الغبار الأبيض الطائرة من خاصرة السبّورة السوداء ، وخربشات نهاية قطعة الطبشور الأبيض ألأشهر أو الملون .
سيختفي منظر بائع الحلوى القائم في مساحة مخذولة من سياج المدرسة ، وستحل مكانه شاشة بيتية صغيرة فيها مدرسة وسيارة ومعلم ، ورشقة أغنيات وطنية لن تطلب منك هذه المرة أن تسهر الليالي كي تفوز بالعلا .
الروبوت صاحب القلب الحديد سيرسم لوحة . لن يكون بحاجة إلى بدلة عمل أو بنطال جينز قديم ، كي يتلقى نثار الفرشاة وضرباتها العشوائية السريعة .
مزج الأصباغ سهل والناس تنظر بعيونها وليس بقلوبها ، والشريحة الملساء ستصنع الفكرة وما حولها . بصمة الرسام الحديدي لن تكون شرطاً من شروط الإعجاب والإنذهال .
بمقدور مالك الشريحة أن يجعل كائنه حزيناً من أجل إتلاف القماشة بالسخام وبالغيوم السود .
سيتم إنجاز اللوحة المنتظرة بساعة أو بعض ساعة ، لأنَّ هذا الكائن الساكت لن يستهلك خلال عملية الرسم دلة قهوة مرة أو علبة تبغ وشارع موسيقى وجبل آهات .
ولأن الروبوت العجيب لن يشعر بالوجع والتعاسة حتى لو كسرت ساقه ، ولن يحتاج إلى خبز وماء وكأس نبيذ ، فسوف يفشل حتماً في عملية إبداع ربع قصيدة أو صدر بيت شعر ، ولو قام صاحبه بتحفيز وتلميع وجه الشريحة النائمة بمكان ما من جسده الضئيل !!
الحياة الآدمية تتصخر وتتصحّر ، والكدمات تتوالى يابسةً مثل منظر وردة حمراء نائمة ببطن كتابٍ عتيقٍ صنعه أريك سيجال فصار ترنيمة وتنويمة مشهورة بباب مخدة عاشق .
فوق حوائط الضجيج الصاخبة ، صار بمستطاعك أن تستعمل وردةً ساكتة ألف مرة ومرات .
ستشتلها بنهاية رسالة غزل وحب ، وسترميها على قبر صديق ، وستحملها بيمينك صوب باب غرفة بيضاء بمشفى القلوب ، وقد تهديها إلى شحاذ نبيل في حال انثقاب الجيب والمعنى .
عند مفتتح المقهى سيستقبلك شاب ألكتروني وسيم ، ويلوّح لك بيمينه الواثقة مع رشقة حروف يابسة ، وعندما تعود إليه بعد عشر سنوات ستجده كما وجدته أول مرة .
شاب الاستقبال لم يكبر ولن تجد على رأسه الألكتروني أيَّة شعرة بيضاء ، وليس في وجهه مثقال ثنية جلد تشير إلى ركض السنين وتالياً رحلة الى دكان التجميل والتقبيح .
الوردة الجورية الحمراء والبيضاء والصفراء تشبه تماماً نادلة المقهى التي انحنت قليلاً مع فنجان القهوة . الروبوتات أخوة مهذبون وكرماء ولا يكلفون صاحب الدكان سوى شريحة ملساء ذكية قد تزرع بمؤخرة الرأس أو في أخمص القدم .
قبل خمس سنوات طلبت مني صديقتي العمونية الطيبة سهير الداوود أن أكتب عنها مرثية هائلة . ضحكت وقلت لها موتي يا صويحبتي البديعة وسوف أصنع لك أجمل المراثي .
ليلة موت الشاعرة كنت حزيناً وتالفاً وعلى كسلٍ عظيم ، لذلك اختصرتُ المسألة واستعملتُ إيقونة بكاء متاحة على الشاشة وبصمتها تحت النبأ اليقين .
لم يعد المعلم مكرهاً على التلويح بعصاه وتحريك لسان المزمار بحلقه أمام التلاميذ النجُب .
سيبقى أنيقاً نظيفاً بعيداً عن ذرات الغبار الأبيض الطائرة من خاصرة السبّورة السوداء ، وخربشات نهاية قطعة الطبشور الأبيض ألأشهر أو الملون .
سيختفي منظر بائع الحلوى القائم في مساحة مخذولة من سياج المدرسة ، وستحل مكانه شاشة بيتية صغيرة فيها مدرسة وسيارة ومعلم ، ورشقة أغنيات وطنية لن تطلب منك هذه المرة أن تسهر الليالي كي تفوز بالعلا .
الروبوت صاحب القلب الحديد سيرسم لوحة . لن يكون بحاجة إلى بدلة عمل أو بنطال جينز قديم ، كي يتلقى نثار الفرشاة وضرباتها العشوائية السريعة .
مزج الأصباغ سهل والناس تنظر بعيونها وليس بقلوبها ، والشريحة الملساء ستصنع الفكرة وما حولها . بصمة الرسام الحديدي لن تكون شرطاً من شروط الإعجاب والإنذهال .
بمقدور مالك الشريحة أن يجعل كائنه حزيناً من أجل إتلاف القماشة بالسخام وبالغيوم السود .
سيتم إنجاز اللوحة المنتظرة بساعة أو بعض ساعة ، لأنَّ هذا الكائن الساكت لن يستهلك خلال عملية الرسم دلة قهوة مرة أو علبة تبغ وشارع موسيقى وجبل آهات .
ولأن الروبوت العجيب لن يشعر بالوجع والتعاسة حتى لو كسرت ساقه ، ولن يحتاج إلى خبز وماء وكأس نبيذ ، فسوف يفشل حتماً في عملية إبداع ربع قصيدة أو صدر بيت شعر ، ولو قام صاحبه بتحفيز وتلميع وجه الشريحة النائمة بمكان ما من جسده الضئيل !!
إرسال تعليق