تصعيد حزب الله ضد إسرائيل موجه للاستهلاك الداخلي

مشاهدات


 

بيروت- قالت مصادر سياسية لبنانية إن تصعيد حزب الله ضد إسرائيل في ملف ترسيم الحدود البحرية موجه للاستهلاك الداخلي والإيهام بأن للحزب الفضل في التوصل إلى التسوية التي باتت وشيكة.

وأضافت المصادر أن حزب الله يريد الترويج إلى أن التسوية المرتقبة والوشيكة لملف ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل لم تكن لتحدث لولا تهديداته وقوة سلاحه، في وقت يبدو قادة لبنان بما فيهم قيادات الحزب أكثر استعجالا للتسوية من إسرائيل نفسها.

وتقول المصادر إن لا أحد يستعد للحرب وهو يخوض مفاوضات، لكن الحزب يريد من خلال تصعيده نسب أي منجز محتمل له.

ونشر حزب الله اللبناني الأحد مقطعا مصورا يظهر رصده ثلاث سفن مخصصة لاستخراج الغاز لصالح إسرائيل ضمن حدود لبنان، وأنها “تحت مرمى” نيران قواته.

وأظهر المقطع السفن التابعة لإسرائيل على بعد 90 كم من السواحل اللبنانية، وأرفق بمشاهد لصاروخ بحري يتم تجهيزه للإطلاق، بالإضافة إلى تصريح سابق لأمين عام الجماعة حسن نصرالله، يقول فيه إن “اللعب بالوقت غير مفيد”.

وفي الثاني من يوليو 2022، أعلن حزب الله إطلاق ثلاث طائرات مسيّرة غير مسلحة تجاه ‏المنطقة المتنازع عليها مع إسرائيل عند حقل كاريش، إلا أن الحكومة اللبنانية قالت إن تلك المسيّرات خارج إطار مسؤولية الدولة.

ويأتي التصعيد الكلامي لحزب الله في وقت وصل فيه الوسيط الأميركي لمفاوضات ترسيم الحدود آموس هوكشتاين الأحد، حاملا الرد الإسرائيلي على المقترح اللبناني للتسوية.

وقالت مصادر إسرائيلية إن هوكشتاين يحمل إلى بيروت ” تنازلا” إسرائيليا من شأنه التسريع بالتسوية، دون ذكر التفاصيل. وأضافت المصادر، نقلا عن مسؤوليين إسرائيليين، أن تل أبيب تتوقع قبولا لبنانيا بعرضها، وأن يتم التوصل إلى تسوية عملية قبل موفى سبتمبر المقبل.

وزار هوكشتاين لبنان منتصف يونيو الماضي، حيث قدّم له الرئيس ميشال عون مقترحا شفهيا بشأن ترسيم الحدود مع إسرائيل، يعتمد على استرجاع حقل قانا كاملا مع تعديل الخط 23.

وبدأ هوكشتاين جولته بلقاء المدير العام للأمن العام عباس إبراهيم ووزير الطاقة وليد فياض، على أن يلتقي الاثنين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.

وأعلنت الخارجية الأميركية في بيان الأحد أن زيارة هوكشتاين تأتي في إطار التزام الإدارة الأميركية بـ”تسهيل المفاوضات”، معتبرة أن “التوصل إلى حلّ أمر ضروري وممكن على حد سواء، ولكن لا يمكن تحقيقه إلا من خلال المفاوضات والدبلوماسية”.

وتوقّفت المفاوضات التي انطلقت بين لبنان وإسرائيل العام 2020 بوساطة أميركية في مايو من العام الماضي، جراء خلافات حول مساحة المنطقة المتنازع عليها.

وكان من المفترض أن تقتصر المحادثات لدى انطلاقها على مساحة بحرية تقدّر بنحو 860 كيلومترا مربعا، بناء على خارطة أرسلها لبنان عام 2011 إلى الأمم المتحدة. لكن لبنان اعتبر لاحقا أن الخارطة استندت إلى تقديرات خاطئة، وطالب بالبحث في مساحة 1430 كيلومترا مربعة إضافية تشمل أجزاء من حقل كاريش.

وبعد وصول منصة استخراج الغاز قبالة السواحل الإسرائيلية، دعا لبنان الوسيط الأميركي إلى استئناف المفاوضات، وقدم عرضا جديدا لترسيم الحدود لا يتطرق إلى كاريش.

ويقول مراقبون إن حزب الله بدخوله المباشر على خط المفاوضات عبر “التهديد باستخدام القوة”، يدفع في اتجاه تسريع المفاوضات عبر رفع درجة الضغوط على الوسيط الأميركي أولا، أكثر مما يدفع في اتجاه الحرب عبر استفزاز إسرائيل.

ويشير هؤلاء إلى أن إسرائيل غير راغبة في التصعيد، وإن كانت عبّرت، عبر وزيرة الطاقة كارين الهرار بعد لقائها هوكشتاين، عن عدم رضاها على الأجوبة اللبنانية التي كانت تنتظرها.

ويشير محللون إلى أن إسرائيل ولبنان مندفعتان لإبرام تسوية سريعة تضمن لهما استغلال الموارد النفطية، لكن لكل أسلوبه في الضغط، مرجحين قرب التوصل إلى اتفاق تسوية في نهاية المطاف.

وقال المدير العام للأمن العام اللبناني “نحن أمام فرصة كبيرة جدا لاستعادة لبنان غناه، من خلال ترسيم الحدود البحرية، وأعتقد أننا على مسافة أسابيع، وليس أكثر من تحقيق هذا الهدف”، واصفا “ما سنصل إليه بأنه تسوية وأقل من حق”. ويجمع محللون اقتصاديون على ضرورة الاستفادة من الثروة النفطية في أقرب وقت، نظرا إلى أن التطورات العلمية والتوجه نحو الاعتماد على الطاقات البديلة، قد يؤديان إلى أن تكون، بعد سنوات، من دون أيّ قيمة فعليّة أو جدوى اقتصادية بالمقارنة مع كلفة الاستخراج.

ويشير المحللون إلى أن لبنان في أمس الحاجة إلى استغلال ثرواته النفطية البحرية لتجاوز أزمته الاقتصادية المستفحلة، والتي وضعت البلاد في طريق الانهيار الشامل.

ويأمل سياسيون لبنانيون في أن تساعد الموارد الهيدروكربونية المحتملة قبالة الساحل اللبناني في انتشال البلاد المثقلة بالديون من أعمق أزمة اقتصادية تواجهها.

ومن شأن الاتفاق أن يجلب أرباحا للبلدين من مخزونات الغاز الموجودة في المنطقة المتنازع عليها، الأمر الذي سيساعد لبنان في التخلص من أزمته الاقتصادية.

ووفق الاتفاق البحري المحتمل، ستحصل شركات طاقة دولية على حقوق بالبحث واستخراج الغاز الطبيعي، ومن ثمّ يتفق الطرفان على وسيط دولي سيحدد مستوى الأرباح التي ستحصل عليها كل دولة.

ومنذ أكثر من عامين، يعاني لبنان أزمة اقتصادية حادة غير مسبوقة أدت إلى انهيار قيمة العملة المحلية “الليرة” وشح في الوقود والأدوية وسلع أساسية أخرى، إضافة إلى هبوط حادة في قدرة المواطنين الشرائية.

0/أرسل تعليق

أحدث أقدم