"ربع دجاجة" وأمل التغيير

مشاهدات



سعد الدغمان 


الخوف من المجهول رؤية تجلت في كل مفاهيم التصور الذاتي والجمعي للمجتمع العراقي، خسائر لاتحصى بشرية ومادية لحقت بالعراقيين طليلة عام مضى، ( نتكلم على مدى عام)، نعم هم ليسوا بمعزل عن العالم بشكل عام، لكن الوضع العراقي يحمل من الخصوصية مايتفرد به عن كل العالم.

عام مضى حمل من الوجع والألم، ما أفقد المجتمع كل شعور بالتفاؤل نحو مستقبل قريب يحمل انفراجات تنبئ بتحسن حاله سواء على المستوى المادي أو الأمني أو حتى الحياة بشكلها العام، حالة كارثية يعيشها العراق من شماله إلى جنوبه ، وحتى الإتجاهات الأخرى، لاأمل في انفراج أزماتها ليعيش الناس بعضا من شكل الحياة التي تنعم بها المجتمعات الأخرى. 

أزمات عدة فرضت على العراق ليعيش في دوامة قاهرة لامخرج منها، وسط سيطرة قوى وأحزاب وأنظمة حكم مستنخة من الفشل الذي كرس في أماكن اخرى ، قريبة أو بعيدة، يتحكم بها أوناس فاشلين حتى بكاتبة اسمائهم. كرسوا الفشل في الاقتصاد والسياسة وأفسدوا الإدارة ، وخربوا البلاد ، واستباحوا العباد وقيمهم، فضاعت بوصلة الحركة، وتشتت كل جهد كان من المؤمل أن يصب في مصلحة الوطن وأهله.

تلك المحاولات التخريبية، والتي يقترب وصفها من الإرهاب، معلوم من يقف ورائها، تفرض صيغاً لامتحان صعب يفرض على قدرة التغيير التي يأملها الشعب ، وشبابه الثائر لما فيه مصلحة الوطن وأهله، ذلك التغيير الذي نقصده ، وليس التغيير الذي يخدم مصالح أحزاب" شوفينية متسلطة " تخدم اجندات خارجية ، حتى قبل خدمة مصالحها. ذلك التغيير الذي يروج  له دهاقنة الأحزاب التي تطالب بإنتخابات مبكرة كانت أو متأخرة، هو السؤال المُلح ، ماذا جنى الشعب من الانتخابات المعتادة في وقتها وحينها، كي يترقب انتخابات مبكرة لاتقدم له منهجا جديداً ، ووجوه غير تلك التي قادت البلاد لأعماق الفشل والخراب ، بل الهاوية بعينها التي عِشنا وعَيشتنا بها أحزاب الفشل. 

ضبابية المشهد المستقبلي الذي يعيشه العراق  بحاله المتأزمة  بسبب السياسات الرعناء التي دمرت اقتصاده، وأسست  للفسادها الإداري الذي أنتشر في مفاصل الإدارة عموماً بدء من أعلى الهرم حتى أصغر تلك المفاصل جاء على هيكل المعبد ليهدمه من أساسه ، بل لينسفه نسفاً. 

"التغيير" حين نتكلم عن ذلك المعنى، فنحن ننشده حرفياً، ونعي أن هناك أساليب مختلفة ينتهجها من يريده، ولانقصد من يحكم منذ 2003 جتى الساعة بإملاءات من هنا وهناك، فهؤلاء لاينشدون إلا تغيير المواقف لصالح من يقادون له، ولمصالحهم فقط، ودلالة على مانقول إن العراق سائر من سيئ نحو الأسوء ، بل نحو كارثة حتمية، تنقله إلى قاع الفقر والجهل والتخلف أكثر مما هو عليه اليوم.

كان البعض يشكك بما نقول، انطلاقا من النية الحسنة التي قابل بها من أتى، حقداً على من رحل، وهو أمر طبيعي أثر تغيير الواقع السياسي في أي بلد، فهناك مؤيدون ومعارضون، تختلف النوايا والتوجهات بإختلاف الإنتماءات التي هم عليها، لكن أن يكون الإختلاف في" الوطن"، تلك الكارثة ، وذاك هو الهول العظيم.

التغيير والبقاء لابد وأن يكون لأصحاب القيم والغايات السامية الوطنية النبيلة، وليس لمن يحمل الوطن سعلة في تفكيره يقدمه لمن يدفع اكثر ، وهو ما أقدمت وما اقترفته الأحزاب الحاكمة وسعت في خراب الوطن طيلة النسنين الماضية من خراب العراق.

لانريد أن نكون أكثر تشاؤماً مما نعيش، لكن نقول نحن بحاجة لنظرة متفائلة بما هو قادم، نحن بحاجة لتغيير جذري يقتلع ذلك الفساد وأهله من الجذور، نظرة تعمل على إعادة ثقة العراقي بنفسه وقدراته، لا أن تكرس التبعية بمناهج خيانية كرستها أحزاب جمعت من مبغى الغرب ، وبقايا "روزخونيات " بالية في قم وسراديب عفى عنها الزمن في النجف وقندهار.

الأمل أهم صناعة تقدم للإنسان، موادها الأساسية "النقاء ،ومخافة الله ، وحب الوطن، والشعور الصادق بأهله وما يعانون" ، لا أن نمنح أحدهم ( علبة فيها رز وربع دجاجة) كي يصفق  ويطبل، الأمل إيمان بقدرة الله سبحانه وتعالى على بعث الحياة من العدم، لا أن نحمل السلاح بوجه بعضنا لنقتص ممن ينتقد ( فلان)، الأمل مدرسة يجب أن نكرس أنفسنا لننهل من مناهجها نحو البناء وحب الإنسان وصون الوطن وإعلاء شأنه، لا أن نُزور ونَكذب ، ونأتي في الخفاء ما لا نؤتيه في العلن، ( أحزاب السوء) المثل العراقي الشعبي يقول ( إذا كلت لاتخاف، وإذا خفت لاتكول)، فما تتعاطوه في الخفاء من خيانات ورذيلة تليق بكم وبمنهجكم ، يعلمها الله سبحانه، فهو عزوجل " يعلم الجهر وما يخفى".

أصوات نشاز تشكك في الغايات الإنسانية لشباب ثائر يطالب بوطن، تتعالى تلك الأصوات خدمة لأجندات هدامة تنفث سمومها في صفوفه بواسطة الأحزاب ومن يقف ورائها لتسلبه " الأمل " ، لكن العراقيون قد اختاروا طريق الأمل ، وهم مدركون أن من يريد خوض غمار الحياة الهانئة، لا بد له وأن يسعى  نحو المستقبل بيقين وصدق وتفائل،وبأن عملية التغيير طريقها شائك و ليس ممهداً أو مفروشاً بالحرير.

0/أرسل تعليق

أحدث أقدم