حين ينتفض المثقفون ...

مشاهدات



نزار العوصجي


حين يجتمع المثقفون يبرز العطاء ناصعاً بوضوح ، فيُثرون الجمع من حولهم بما يكتنزون من علم وثقافة وإبداع ، وذلك غيض من فيض مما يمتلكون في دواخلهم كونهم مصدر إشعاع العلم ومنبعه ، في كافة المجالات والإختصاصات العلمية والإنسانية ، لأنهم بحق رجال دولة يشار لهم بالبنان ، وهذا يحدث حين يجتمعون ، يتحاورون ، يلتقون على الإبداع ، فكيف بهم حين ينتفضون من أجل قضيتهم السامية ( إعادة بناء العراق ) ؟؟


ظن أعداء العراق أنهم يستطيعون إنهاء دور المثقفين حين أستهدفوهم وأغتالوا منهم أكثر من 3000 عالم من خيرة علماء العراق ، اعقبوها بتهجير عشرات الألاف منهم ، بعد أن يسر لهم أعداء الوطن الفرصة لتنفيذ أعمالهم الإجرامية هذه ، مستغلين الغزو غير المشروع والإحتلال المنافي للمواثيق والأعراف الدولية ، مُمّنين أنفسهم المريضة وعقولهم العفنة وإرادتهم المرتهنة بإنهاء دور المثقفين في العراق بلاد الحضارات والتاريخ ، وإستهداف العقول العلمية الوطنية متناسين أن المخلصين والشرفاء يمرضون ولا يموتون ..


إلا أن روح الإصرار والتحدي وإستنهاض الهمم لدى من بقي منهم أبت أن يُهمّش دورها وتجتث قدراتها ، فأنتفضوا ثأرا لزملائهم ورفاق دربهم وعهدا لهم ، ممن سبقوهم في نيل شرف الشهادة دفاعا وحبا للوطن ، حيث سيطرت قوى الجهل والظلام والشر زمام السلطة التي هيأها لهم الغازي المحتل ، وعاث المخربون فسادا ودمارا ونهبا لثروات البلاد وحقوق شعبه الابي على مدى سبعة عشر عاما ، فأنطلقت ثورة تشرين السلمية البطلة عام 2019 ، رافضة تداعيات الغزو والاحتلال والنظام السياسي الفاسد تحت شعار جامع ( نريد وطن ) ، وفي ذكراها الأولى ازدادت وتعاظمت عزيمة الشرفاء المخلصين لوطنهم وشعبهم من ابناء العراق الغيارى ، في الحادي والثلاثين من تشرين الاول 2020 لتشهد ولادة إتحاد النُخب والأكاديميين العراقيين ، وفق رؤية وطنية خالصة وإمكانات ذاتية بسيطة جدا ..


نعم إنها ولادة فريدة من نوعها ليست كغيرها ، كونها جاءت من رحم معاناة العراق وثورة شعبه وتفشي جائحة كورونا ، حيث يئنُ العراق تحت سطوة الخونة وسراق المال العام وإستماتهم لزرع الطائفية بين ابناء الشعب الواحد ، التي أذكت مفاهيمها الميليشيات الخارجة على القانون ، وهم يرتكبون أبشع أنواع الإنتهاك لحقوق الإنسان العراقي ، وسط صمتٍ مريبٍ من الامم المتحدة وممثليتها الهزيلة في العراق والمنظمات الدولية والانسانية الأُخرى ، متناسين تاريخاً يمتد الى أكثر من سبعة الاف عامٍ ، وحضارة أسست وصاغت للإنسانية قوانين الحياة ، ومنحت البشرية يوم كان العالم غارقاً في الجهل بسمات العلم والمعرفة في مختلف المجالات ..


لقد انتخى طيفٌ من النخب الوطنية العراقية رغم قلة عددهم حين يُعّدون ، كُثر حين يعملون ويرسمون ويخططون ، ينشدون إعادة بناء صرح جديد للعراق جامعاً أبناءه الأُصلاء المخلصين لإعمار ما دمرته قوى الشر والظلام ، يزرعون الأمل في نفوس أصلاء الوطن لردم الفجوة التي أوجدها أعداء العلم والتقدم والبناء ، واضعين نُصب أعينهم مهمة إعادة الهيبة للعراق ليعود ويحتل مكانته الطبيعية المرموقة بين دول العالم ..


إنهم يُعّدون حقاً فيلق البناء والإعمار ، إنهم خيرة كفاءات الوطن الأحرار و[بنائه الأبرار ، وضعوا مستقبل العراق وأجياله في حدقات عيونهم فتحاملوا على جراحهم التي أُوغلت في أجسادهم فنالت منها ، ليوجهوا عقولهم وخبراتهم صوب وطنهم ويُضمّدوا جراحه ويوقفوا نزيفه المستمر ، مستلهمين القوة من شباب ثوار تشرين ، ليرسموا طريق الخلاص وإنقاذ العراق من الواقع المزري الذي أوصله اليه من باع ضميره وأرتهن إرادته وخان وطنه .. 


تحية إكبار وإجلال لهذا الإتحاد الوليد وأعضائه الذين صمموا على إعادة بناء الوطن ...

0/أرسل تعليق

أحدث أقدم