خطورة المؤشر الأمني العراقي 

مشاهدات



ناقشت الهيئة الاستشارية لمركز صقر للدراسات ارتفاع مستوى التوتر في العراق ، وقياس الانحراف المعياري للمؤشر الأمني نحو الاضطراب ، وقد شهد العراق امس عدد من العمليات الإرهابية في كل من بغداد وديالى والانبار ، وتشير تلك العمليات الى تراجع امني ومن الممكن ان يتحول الى سيناريوهات تصعيد اكبر ، في ظل غياب العناصر المهنية المؤسسية ، وبطئ المسائلة وتطبيق القانون ضد مرتكبي هذه العمليات الإرهابية التي ذهب ضحيتها مواطنين عراقيين ، فضلا عن مسارات الصراع السياسي الداخلي المحتدم بين القوى السياسية ، فضلا عن تأثيرات الصراع الإيراني الأمريكي على ارض العراق ،  ونعرض في ورقتنا السياسية وجهات نظر أعضاء الهيئة الاستشارية للمركز بهذا الخصوص :

  1. انحراف المؤشر الأمني .. الدكتور مهند العزاوي

ناقش الدكتور مهند العزاوي رئيس الهيئة الاستشارية ؛ وهو خبير عسكري واستراتيجي مختص بالشأن العراقي ، خطورة الموقف في العراق ، وخشية التحول الى وضع اكثر فوضوية ، ويعتقد ان العراق يمر بأزمات امنية مركبة ، سببها مهني تنظيمي ، فضلا عن تعدد مراكز القوى واختلاف محددات القيادة والسيطرة ، وغياب وحدة الهدف ، وتلك العناصر الحاكمة التي ذكرها تحدد مهنية عمل القوات المسلحة ، التي يجب ان تعمل وفق مركزية قرار صارمة ، وتلتزم بأوامر وتوجيهات القيادة العامة والوزارات ذات العلاقة ، وتتحدد بالمهمة الأمنية والعسكرية وتعمل على الاستدامة الآمنة  ، كل هذه العوامل التي ذكرت ترتبط أساسا بوحدة القرار السياسي للدولة ، ومن المرجح ان تستمر هذه العمليات في ظل غياب العناصر المذكورة  أعلاه

والسبب الثاني هو الصراع السياسي وغياب القرار الداعم لاستقرار العراق وسلامة مجتمعه ،  اذا ان هشاشة النظام السياسي الذي تعصف به الخلافات السياسية ، وتحديدا الكتل والاحزاب السياسية الشيعية الحاكمة ، وصراعها على السلطة ، وارتباط عدد منها بمحددات السياسة الإيرانية ، قد خلق مناخ سياسي مأزوم ومزمن وغير مستقر في العراق ، وبالرغم من مرور 17 عام على وجودهم بالسلطة والحكم ، الا انهم لايزالون يفكرون بعقلية المعارضة المسلحة ، ويعملون بازدواجية السياسة والسلاح ، ويجيدون سياسة الانكار لكل ما حصل ويحصل من انهيار اقتصادي وامني ومجتمعي في العراق ، ولم يغادروا حتى الان هذه الثقافة ومناهجها الحزبية الضيقة ، ومن المؤكد ان التصعيد مرتبط بسياق الصراع الحزبي الداخلي ، ويمكن ربط التصعيد بعد إشارة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي حول سيد المقاومة ومواقفه التاريخية ودعمه لها ، مما صعد من عمل الفصائل الأخرى ضمن سياق التنافس المسلح والصراع على السلطة في العراق .

والسبب الثالث يعود الى استراتيجية المنطقة الرمادية التي يستخدمها طرفي الصراع الأمريكي والإيراني ، ضمن سياق الانكار السياسي والمهارشة العسكرية المزمنة ، كما ولم تحقق زيارات ممثل الأمم المتحدة بلاسخارت تقدما بعد لقائها منظومة الكيان الموازي ، وبالنتيجة لقد اصبح العراق مسرح حرب بالوكالة ، وقد اختار الجار الإقليمي ايران مسرح العراق كساحة للتأثير على الولايات المتحدة الامريكية ، وقد اثقل كاهل العراق الأمني بعشرات المليشيات المسلحة ، المتخمة بمخازن السلاح الخفيف والمتوسط والثقيل والطائرات بدون طيار، والصواريخ المتعددة المديات في مواقع قريبة من المناطق السكانية ، بما يخل بالأمن الوطني العراقي، وسياسات الامن القومي ، وسلامة المجتمع العراقي ، ومن الناحية العسكرية يعتبر العراق الان مسرحا عسكريا حيويا، يصعب التكهن بالنتائج والعواقب المقبلة .

ومن المرجح ان رمادية السياسة الامريكية في المنطقة قد منحت مساحة للتصعيد العسكري ، واستمرارية العمليات ، لخلط الأوراق ، واحراج وزعزعة موقف الرئيس دونالد ترامب الانتخابي  كهدف تكتيكي من طرف الصراع  الاخر .

  1. سيناريوهات المستقبل غير محسومة – الأستاذ نزار الدروبي

ناقش الأستاذ انمار الدروبي خبير عسكري وطالب دكتوراه في العلاقات الدولية التصعيد في العراق: وقال في الحقيقة أن واقع النشاط السياسي في العراق معقد جدا ، ومتناقض الى مستوى تقاطع التيارات والاتجاهات حتى داخل التيار الإسلامي الغالب على الساحة العراقية، ولعلّ هذا التعقيد والتناقض يعد من أهم دعائم استمرار حالة الاضطراب السياسي داخل المنظومة السياسية نفسها ، والتي بدورها انعكست وبشكل كبيرا جدا على مسألة الاستقرار المجتمعي.

وعلى الرغم من التهديد الأمريكي الأخير للفصائل المسلحة بضرورة وقف الهجمات الصاروخية على السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء، التي نقلها شخصيا السيد رئيس الجمهورية برهم صالح، لكن نلحظ تسارع وتيرة الهجمات الصاروخية خلال الساعات الماضية؛ مع العرض أن الفصائل المسلحة نفسها كانت قد رفضت اتهامها، بل أن قادة هذه الفصائل أعلنوا رسميا شجبهم واستنكارهم لهذه العمليات الخارجة عن القانون بحسب وصفهم. في الوقت نفسه أن الحكومة العراقية لحد الآن تصرح تحديد الجهة المنفذة للضربات، وكشف ملابسات القضية ولم تفلح ، إذن الموضوع أعقد من مجموعات تنعت بكونها فصائل المقاومة الإسلامية مما يجعل سيناريوهات المستقبل غير محسومة تماما، وإن هذا التسلسل الزمني في العمليات الصاروخية لا يخرج عن سياق مجموعة من الأحداث أهمها:

  1. إصابة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفايروس كورونا المستجد.
  2. قرب الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
  3. في حالة فوز الرئيس ترامب لولاية ثانية، فهذه العمليات تعتبر ورقة ضغط على إدارة ترامب للعودة للمفاوضات الأمريكية الإيرانية وتحديدا فيما يخص الملف النووي الإيراني.
  4. تشريع جديد لقانون الانتخابات البرلمانية في العراق.
  5. لم تبلور إدارة ترامب إستراتيجية متكاملة فيما يخص الهجوم على سفارتها فقط، لكن يمكن الإشارة إلى ملامحها الأولية هي قضية غلق السفارة وسحب بعثتها الدبلوماسية.

والأهم في كل ما تقدم هو، القوة المحركة لهذه المجاميع المسلحة والتي هي بالتأكيد صاحبة القرار الأول والأخير ، وتتهم الولايات المتحدة الأمريكية إيران بالوقوف وراء هذه الهجمات على سفارتها وقواتها بالعراق. ولو فرضنا اتهام أمريكا لإيران حقيقي وفعلي، فهذا نتيجة طبيعية كرد فعل إيراني اتجاه السياسة الأمريكية من خلال أذرعها الممتدة في بعض الدول العربية محاولة منها في الضغط على الولايات المتحدة لرسم سياسة أمريكية جديدة اتجاه إيران

  1. خطورة المرحلة التي يمر بها العراق. د مثنى مشعان المزروعي

ناقش الدكتور مثنى المزروعي ؛ وهو أستاذ مساعد في احد ابرز الجامعات العراقية ، ومختص بشؤون الجغرافيا السياسية موضوع التصعيد قائلا : ان الحراك السياسي الان في العراق على اشده ، لان الجميع يعي خطورة المرحلة التي يمر بها العراق، فهناك تصعيد من قبل الاطراف المتصارعة لاسيما من قبل المليشيات التي تحاول ان تستغل مرحلة ما قبل الانتخابات الامريكية ، وقبل والانتخابات العراقية لأثبات قوتها وسيطرتها على الساحة العراقية بكل مفاصلها ، حتى وان كان رئيس الوزراء حسب وصفهم امريكي الهوى او كما يتصور البعض.

ومن وجهة نظره بان هذا التصعيد ستجني الفصائل الولائية المسلحة ثماره في الانتخابات العراقية القادمة اذا ما فاز مرشح الحزب الديمقراطي جو بايدن، فالفصائل المسلحة مطمئنة ان الرئيس ترامب لن يستهدفها حاليا في خضم المناخ الانتخابي ، او لان النتائج غير مضمونة اذا ما اقدم على عمل ما تجاهها، لان اي عمل لا يمكن ان يكون خاطفا بنجاح بل سيحتاج الى وقت لتحقيق الاهداف.

ولم يأتي الحراك الدبلوماسي من فراغ ، خصوصا تحركات المبعوثة الاممية بلاسخارت، فجولاتها مهمة جدا وهي تؤكد دقة المرحلة التي يمر بها العراق، وهذه الجولات تحمل في طياتها الكثير من الاسرار ، وما يؤكد ذلك التصعيد العسكري الذي شهده العراق يوم امس الاثنين ، واجد ان ما جرى هو اجابة لما تحمله المبعوثة الاممية في جعبتها من رسائل ، ويؤكد فشل مساعيها في نزع فتيل الازمة والاحتقان الذي يمر به العراق، كما ان هذا التصعيد في ذات الوقت رسالة قوية لرئيس الجمهورية برهم صالح ولرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ،لاسيما وان تحركاتهم السياسية ولقاءاتهم كانت مهمة خصوصا وان جميع الشخصيات التي تم اللقاء بها كانت ايرانية او من الفصائل التي لا تخفي ولائها لإيران.

ومن المرجح ان يزداد هذا التصعيد العسكري في الايام القليلة القادمة ، ومن المحتمل ان تنسحب السفارة الامريكية ، وستتبعها سفارات دول اوربا والدول العربية مما يزيد التوتر في العراق والمنطقة ، ولا استبعد حدوث عمل عسكري



المصدر: صقر للدراسات

ورقة سياسية من اعداد الهيئة الاستشارية لمركز صقر للدراسات شارك فيها كل من :

  • الدكتور مهند العزاوي
  • الدكتور مثنى المزروعي
  • الأستاذ انمار الدروبي

0/أرسل تعليق

أحدث أقدم