التنمية البشرية ونظرية التعلق؟

مشاهدات

 



الباحثة في التنمية البشرية

سالي عبيد



يعد التعلق من الامور الاساسية التي تمكن الفرد من ممارسه حياته بطريقه ربما تكون ايجابية او سلبية. من خلال تكوين علاقه بينه وبين المتعلق  ليبدا بالبحث عن  استكشاف دوافعه الداخلية وفهم ذاته. لا سيما ان التعلق احد مظاهر السلوك النفسي المؤثر في تكوين شخصية الفرد على مدى حياته، ويبدأ التعلق في سن الطفولة حيث تعتبر العلاقة الاولى البداية التي تتشكل على اساسها هذه الحالة. بالتالي تقوم ببناء انفعالاته، افكاره، وتصوراته عن العالم الخارجي ضمن نمط معين من هذا الشعور، فيبدأ بالتعلق باشخاص ممن حوله، كذلك اماكن اعتاد التردد عليها، افكار ومعتقدات يؤمن بها او حتى اشياء يمتلكها. من هنا يبدأ تكوين شخصية الفرد حيث يتلقى كل مفاهيمه وتعاليمه من الاب والام والمحيطين به سواء كانت سلبية او إيجابية من وجهة نظرهم.

  

ويعرف الدكتور النفسي البريطاني جون بولبى" ان التعلق نزعة فردية داخلية لدى كل فرد تبدأ معه منذ لحظة ولادته وتستمر عبر مراحل حياته المختلفه" ويضيف (بولبى) بأن رابطة انفعالية قويه تؤدي الى الشعور بالسعادة والفرح والامان (مجله مؤشر الدراسات الاستطلاعيه المجلد 3 العدد 8).


كما يشير العديد من العلماء المعاصرين مثل (فيليب شيفلد، والينور باوم) ان التعلق هو القدرة على إدارة العلاقات بوعي ووضع حجر الاساس لتطوير الشخصيةوالنجاح في الحياه المهنية والاجتماعية ..

والسؤال هنا هل التعلق دائما ايجابي وصحي ام بعضه سلبي؟

لتاتي بدورها التنمية البشرية لتوضح الفرق بينهم والتعامل مع هذا الشعور سواء كان سلبي او ايجابي. فالتعلق السلبى يراه بعض الناس انه قد يكون حب زائد واهتمام واخلاص. ولكنه في الحقيقة هو محاولة للهروب من خوف متنكر في مواجهة الذات والتمسك المفرط بشيء خارجي والخوف المستمر من الفقد، كما يشير ايضا عن وجود فجوات داخلية في الشعور بانعدام الثقة، فقد الامان، وقلق دائم غير مبرر يعرقل استقلالنا ويمحي هويتنا ويربط سعادتنا بوجود الاخرين. 


وهنا يأتي دور التنمية البشرية لكي تصحح وتساعد الشخص على نظرية هامة جدا مفادها،  ان التغيير والفقد ليس نهاية وانما جزء طبيعي من الوجود. من ثم كيفية التعامل مع اي ظروف طارئة من خلال الإدارة الواعية لمشاعره والتنوع في مصادر السعادة الموجودة حوله. لكي يحمي الانسان نفسه من الاعتماد الكلي على عنصر واحد ويكون قادر على تطوير مراحل حياته الشخصية او الاجتماعية والاهم بالتاكيد صحته النفسية، لمجابهة كل ما بها من ضعف، وتغيير وجهة نظره، فبدلا من ان يرى نفسه غير قادر على تحمل رحيل شخص ما. أو على سبيل المثال لا الحصر خسارة وظيفة او شيء يمتلكه فيتعلم من تجاربه السابقة ويحول الفشل الى نجاح والتغلب على التحديات والثقة بالنفس والسعي دائما نحو الافضل. مع إنشاء، علاقات مستقرة تقوم على الاحترام  والتفاهم المتبادل. واتخاذ القرارات التي تتماشى مع اهدافة وقيمته. التحكم في رغباته وانفعالاته. التنظيم الجيد للوقت. الاهتمام بالصحة النفسية والجسدية عن طريق وجود مصادر أخرى. ومن خلال اتباع بعض العادات كممارسة الرياضة، القراءة، التامل تغيير العادات اليومية السيئة. تصحيح وجهة النظر في الافكار والمعتقدات المتعلق بها، الاكل الصحي المتوازن لينعم الشخص بصحة جيدة ومظهر خارجي يليق به وأخيراً الرضا بالواقع وتقبله والسعي والاصرار والعمل على تحسينه (انا لست من الذين يعتقدون بان شخصية الانسان قدرا لا مفر منه) د/مصطفى محمود كتاب اعترافات عشاق.


اما التعلق الايجابي، تؤكد التنمية البشرية انه حالة من التوازن النفسي والوجداني الذي يعطي الشعور بالامان والطمأنينة ليجعل الشخص يوازن بين القرب والمسافة ليحتفظ بمساحته الخاصه وافكاره واحلامه وشخصيته المنفردة، ولا يبني سعادته على مصدر خارجي لتعزيز سلامه الداخلي. هذا الشعور الايجابي الذي يفتح امامنا ابواب التطور والازهار والنجاح لننعم بحياة أكثر سعادة وتفاؤل. شعور يربط القلوب بوعي ناضج.  تنسج بالمحبة والاحترام المتبادل لا يقيد الارادة او الحرية.


(نحن مخلوقات وجدت لتتصل عندما نتشارك مشاعرنا بصدق ونجد من يحتويها نعيش بقلب اكثر قوة وطمأنينة) الباحثة الامريكية... برينيه براون .



0/أرسل تعليق

أحدث أقدم