أنقذوا عمتنا النخلة قبل أن نفقدها ونفقد خيرها وبركتها

مشاهدات

 





بقلم:عبدالاله المشهداني


مقدمة تاريخية


 النخلة في العراق ظهرت النخلة في تماثيل ومنحوتات عراقية قديمة لسكان وادي الرافدين قبل الميلاد مما يظهر مدى اهتمام العراقيين القدماء بهذه الشجرة المباركة، وكذلك في عصر الإسلام تعد النخلة من الأشجار المباركة فقد ورد ذكرها في القرآن الكريم (21) مرة
كما قال فيها رسولنا المصطفى صلى الله عليه وسلم ( أكرموا عمتكم النخلة)
والنخلة لايوجد بها جزء لايستفاد منه الانسان لأن النخل نستظل بسعفه ونصنع من جذوعه سقوف وأعمدة بيوتنا التي كانت سابقا من الطين ولازالت تنتشر في اجزاء من ارض العراق، ونتخذ منه ومن جريده وقودنا ، ونصنع منه الأسرّة والحبال وسائر الأواني والأثاث . ونتخذ التمر طعاما مغذيا ، ونعلف بنواه ماشيتنا ، ونصنع منه الدبس   إلى غير ذلك.
 كانت لنا زيارة الى قضاء الراشدية التي سنتخذها كمثال لباقي المناطق التي تشتهر بزراعة النخيل  حيث تشتهر هذه الناحية بالنخيل والحمضيات  وتوجد محاذية لنهر دجلة وتمتد من منطقة الفحامة الى ناحية الجديدة في ديالى حيث أن أعمار النخيل في تلك البساتين يتجاوز أل 100 عام وكانت الأشجار تمتد على جانبي الطريق وتشكل منظر جميل حيث إن قمم تلك الاشجارتتغزل بها السما ء وكأنها تخاطبها وتزيدها شموخا وكان لقائنا الأول مع الفلاح محمد عزيز محمود صاحب احد بساتين النخيل في ناحية الراشدية الذي تحدث ألينا قائلا تشكل النخل رمز من رموز العراق واعتبرها جزء من عائلتي لما لها أهمية كبيرة لنا ومصدر عيش يؤمن لنا الغذاء ولكن مع بداية القرن الجديد والإحداث التي مرت على العراق قل الدعم من قبل الدولة للفلاحين أصحاب بساتين النخيل من ناحية المبيدات والأدوية التي نقوم باستخدامها لرش ومكافحة الآفات الزراعية التي توثر بالنخلة وحتى الطائرات المستخدمة من قبل وزارة الزراعة التي تستخدم مرشات جوية لاتفي بالغرض المطلوب منها وهذا أدى الى تراجع كبير في إنتاج التمور وهلاك العديد من أشجار النخيل
تركنا هذا الفلاح مع همومه تجاه محبته للنخلة ووجدنا احد الشباب وهو يرتقي احدي أشجار النخيل مستخدمة وسيلة مساعدة تسمى ( التبليه) وهي أشبة بحزام الظهر يضعه الشخص الذي يروم صعود النخيل حول الجذع النخلة وجسمه ويستخدم قدميه وايدية مع الضغط على التلبية في عملية الصعود وكان لنا حديث معه حيث قمنا بسؤاله عن المراحل التي تمر بها
:- حيث أجاب الفلاح حسين قائلا
 أشجار النخيل حتى تصل الى مرحلة جني التمر  عند خروج الطلع وهو بداية تكوين عناقيد التمر ويتفتح نقوم بتلقيحه يدويا حيث يتم صعود النخلة لأكثر من مرة  بعد ذلك يكبر عنقود التمر الى مرحلة اكبر حيث تبدآ حبيبات التمر بالظهور وتكون ذات لون الأخضر  يقوم الفلاح في هذه المرحلة بالصعود للقيام بعملية تركيز العناقيد على سعف النخلة ومباعدة عنقود عن أخر وإذا توجد أدوية أو مبيدات تستخدم لمعالجة بعض نوعية من الآفات الزراعية حيث نقوم بشرائها من الأسواق المحلية بعد ذلك يبدأ عنقود التمر بالاصفرار ومن ثم الاحمرار أي بعد نضج التمر هناك نوعان من جني المحصول حيث  يجب الصعود يوميا لجني الناضج منها وهي مانسميه الالوان ومنها( التبرزل والشكري والبربن)
 وهناك أنواع من التمر ينتظر الفلاح حتى تنضج جميع العناقيد ويقوم بالصعود وقطعها ومن ثم تعبتها بأكياس استعدادا" لتسويقها  وبذلك تكتمل عملية جني التمر  ومع كل هذا التعب والمتابعة إلا إننا وخصوصا في هذه المنطقة نعاني من قلة الأسعار حيث لا يكفي ما تنتجه النخلة الوحدة كلفة متابعتها من عملية تنظيفها من السعف وصعودها لأكثر من مرة وما نعالجها به من أدوية ومبيدات لذلك قل الاهتمام م بها إضافة الى ذلك عدم وجود أي معمل لإنتاج الدبس او الخل ممكن إن يساهم في حل مشكلة التسويق وكذلك ضعف وزارة الزراعة  وكان لقائنا الأخير مع احد ابناء المنطقه  الدكتور  (عبدا لوهاب المشهداني )الذي استقبلنا في داره التي كانت تحيط بها أشجار النخيل وتشكل منظر جميل وكان احد أبنائه فوق إحدى النخلات في حديقة منزله وعند سؤالنا عن سبب صعوده اخبرنا عن قيام بعض طيور الحمام ببناء أعشاش لها فوق النخلة لذلك يقوم ابنه بتنظيفها اخبرنا الدكتور ببعض المعلومات المهمة عن النخلة
كل شيء في النخلة مفيد ابتداء من جذعها وثمارها وانتهاء بسعفها وإنها تمتاز بعدم سقوط أوراقها لأنها من الأشجار دائمة الخضرة لذلك ترانا نزرع النخيل داخل حدائقنا .
 وخير النخيل وفير ابتداء من محصولها التمر الذي يمتاز بإمكانية خزنه لمدة زمنية طويلة دون إن يفقد أيا من خصائصه، وهو مادة غذائية مهمة لدى العراقيين عموما ولدى الفلاحين خصوصا، وتزداد أهميته عند حلول شهر رمضان المبارك فلا تكاد تكون هناك مائدة خالية من التمر واللبن.. كذلك نقدمه نحن الفلاحين الى الأطفال كبديل للحلوى ولاحتوائه على فوائد صحية كثيرة. إما جذع النخلة فنستخدمه في تسقيف البيوت في الريف ونعمل منه قناطر للعبور على الأنهار والجداول الصغيرة ويستخدم كذلك كحطب لإغراض الطبخ والشواء خاصة في "التنانير" الطينية التي يشتهر بها الريف العراقي. وأيضا يستخدم سعف النخلة لتصنيع الكراسي والأقفاص والأسرة، وخصوص سعفها تصنع منه المكانس والحصران أما ليفها فيستخدم لصنع الحبال و "التبالي" التي تستخدم لصعود النخيل ويستخدم الليف أيضا في النظيف أحيانا.
ندائنا الى وزارة الزراعة الالتفات الى هموم الفلاحين أصحاب بساتين النخيل وتحاول مد يد المساعدة لهم قبل فوات الأوان وتغضب علينا عمتنا النخلة ونفقدها ونفقد خيرها وبركتها حيث يجب على الوزارة الذهاب الى مناطق التي تكثر فيها أشجار النخيل ومتابعة الواقع ميدانيا ومعرفة مشاكلهم والإسراع في حلها حيث إن النخلة تعتبر مورد اقتصادي كبير وغير مكلف في عملية التصنيع والتصدير وخصوصا إننا في فترة السبعينيات كنا ألدوله رقم واحد في عدد أشجار النخيل ونتميز بوجود اكتر ون ستين نوع مختلف من أجود التمور


0/أرسل تعليق

أحدث أقدم