عمر سعد سلمان
ان المجتمعات التي تمتلك نزعات عنصرية، هي ذاتها المجتمعات التي كانت ذات نزعة امبريالية توسعية (فتح وغزو واستعمار واحتلال...) ويشعر العنصري بالذنب وتأنيب الضمير ويبدأ بالبحث عن تبرير لعنصريته للحصول على راحة البال من تأنيب الضمير الذي تسببه العنصرية.
ان العنصرية تجاه الأقليات من أي لون او دين كانت مسألة طبيعية في مجتمعات توسعية تتاجر بالعبيد من أي لون ودين كانوا. الا ان هذه المجتمعات لا تمثل البشرية بأكملها، بل انها لا تمثل حتى نصف سكان البشرية حتى نقول ان البشرية كلها تحمل نظرة دونية تجاه هذا الشعب او ذاك. ومن يقول بذلك يستثني شعوب القارة الافريقية والهند والصين وشعوب أمريكا اللاتينية، ومع هذا فأن الهدف الأساسي في هذا النوع من الاطاريح، هو تبرير العنصرية، واضفاء المشروعية على هذه الممارسة اللاإنسانية، وحجتهم بالقول: اذا كان معظم الحضارات الكبيرة تمتلك نظرة عنصرية تجاه السود، الا يعني هذا ان العنصرية مسألة طبيعية؟ الجواب هو لا بكل بساطة، لان هذه الحجة مبنية على كثير من المغالطات أولها ان معظم الحضارات الإنسانية ليس لها عنصرية تجاه السود، وثانياً نظرة السود تجاه الاخرين ينبغي ان تؤخذ بنظر الاعتبار.
ان العنصرية لا تبدأ وتنتهي بالدماغ، بل في الخارج، في البنى والترتيبات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تعيد انتاج التمايزات بين البشر، وتدفع بكثير من المتعصبين الى اختزال وجود البشر الافراد الى كياناتهم الجماعية الكبرى كأعراق واثنيات وطوائف وجماعات دينية وأنواع اجتماعية .... الخ، بحيث يكون التعامل مع الفرد على انه نسخة مصغرة من هذه الكيانات الجماعية المنمطة.
والمفارقة هنا ان وجود هذه الكيانات الجماعية يعتمد على تحويلنا كأفراد الى تروس في آلاتها الضخمة، الا ان علينا في المقابل، ان نتلقى كامل الضربات التي ستنهال على رؤوسنا باسم هذه الكيانات، وكامل الشرور التي تتولد اصلاً عن هذه الكيانات الجماعية (بما اننا مجرد نسخ مصغرة ومستنسخة) من العنصرية الى الطائفية الى التعصب الطبقي والمناطقي والقومي.
يذهب معظم الناس الى الاعتقاد بأنهم اقل تحيزاً من المتوسط – لكن مثلما لا يمكننا جميعاً ان نكون أفضل من المتوسط، فلا يمكننا جميعاً ان نكون اقل تحيزاً من المتوسط. فعلى سبيل المثال نرى اغلب الأمريكيين يحملون نوايا طيبة باعتبارهم افراد مجتمع يتحلى بمثل قائمة على المساواة، لكن قد تخونهم احياناً دوافعهم وادمغتهم وهذا هو الجانب السيء، اما الجانب الجيد هو ان تحيزاتهم ليست حتمية، بل انها تتشكل عبر خليط دائم التغيير من المعتقدات الثقافية والظروف الاجتماعية. كذلك، فان إمكانية تجاهل أسوا دوافعنا وتقليل هذه الاحكام تتعدى للاحتمالية القائلة بأننا مبرمجون على ان نضمر بداخلنا تحيزات ضد أولئك الذين يبدون مختلفين او غير مألوفين. بيد ان القيام بذلك يتطلب أكثر من مجرد نوايا فردية طيبة، اذ يتطلب جهوداً اجتماعية عريضة لتحدي الأفكار النمطية وحث الافراد على العمل معاً عبر حدود المجموعات. فالتحيزات الحديثة ليست تحيزات اجدادك التي أصبحت معروفة لان الافراد كانوا يصرحون بما يفكرون فيه على الاغلب، فالسود كسالى، اليهود خبثاء، النساء متسلطات، ان المعادل الحديث لهذه التحيزات مستمر بكل تأكيد، انظر الى التصورات الحالية القائلة بان المكسيكيون مجرمون، وهذا التعصب الخاطئ مستمر فقط عند 10% من سكان الدول المتحضرة. وعادة ما يسفر التحيز الصارخ عن جرائم كراهية، الا انها نادرة الحدوث لحسن الحظ. ويمكننا ان نقول انه يمكن تحديد المتعصبين بسهولة.
إرسال تعليق