ذاتَ مساءٍ من أماسيِّ أيامِ عام 1993، وتلكم كانت أيامُ حصارٍ أمريكي غاشم بالفقرِ مشتعلة ، إذ تحرَّكَ (معملُ ) لنا عسكري بكادرهِ وبمعداتهِ من قاطع الفيلق الرابع جنوباً الى قاطعِ فيلقٍ ثانٍ في جلولاء شمالاً، ومع الثاني إالتحقَ وتجحفلَ. وما إن إستقرَّ في موقعهِ الجديدِ عند جسر المدينة، حتى تسلَّمَ أوامرَ قيادةِ فيلقِه، ولها من فورهِ إمتثلَ، وكانت الأوامرَ تقضي ب( إعادةِ تأهيلِ معدات الفيلقِ من (دروعٍ ودباباتٍ ومدافعَ وآلياتٍ عاطلةٍ) وكانت من أعطالِها شبهَ مُقَفَّلة، وإذ رصدت قيادة الفيلقِ مبلغ (45) مليون لحملةِ رفعِ الكفاءة لتلك المعدات من خزائنٍ في قيود البلد مُسجّلة، وإذ إنطلقَ المعمل حثيثاً في حملةِ تصليحٍ للآلياتِ من فجرِهِ حتى العشيِّ إذ الجفون بنعاسِها مكتحلة، لعلهُ ينجزَ المهمةَ ضمن ميقاتِ شهرٍ واحد لا يزيدُ دقيقةً ولا يحيدُ عنه قيد أنملة.
وهنا ...
تمَّ تكليف (الرائد حسين... ) و ( النقيب عدي حمزة مرزة) بشراءِ وتأمينِ قطعِ غيارٍ من اسواق بغدادَ لآلياتٍ كادت أن تكون مستهلكةً أو مُضمحلة، فإستقلَّ الضابطانِ مع خيوط الفجرِ عجلةَ (وازٍ) روسيةً، دواليبهُا كانت متراقصةً كعاهرةٍ على دكّةِ رقصٍ مُتخلخلة ، ولكأنَّ الرحلةَ على متنِها أشبهُ بقصيدةِ شعرٍ حُرٍّ قوافيهِ ساذجةٌ وغير موزونةٍ ولا مرتلة، أو كأنها قعدةً كريهةً في معتقلٍ لزعيمٍ عربيٍّ ، ذميمةً غيرَ مُذهلة.
ثمَّ...
عاد الحُسينُ و عادَ العَديُّ من بغداد الينا ليلاً وعيونُهمُ حمراءُ، ورموشهم غبراءُ غيرَ مكتحلة ، وإذ سواعدهمُ بما كُلِّفوا من تجهيزاتٍ ومن مواد إحتياطيةٍ مُشتملة، وما إن إستراحوا هنيهاتٍ من وعثاءِ رحلةٍ مقيتةٍ مبتذلة، حتى زأرَ (العَديُّ) في الحاضرين من ضباطٍ كانت بدلاتهم من الأوحالِ والزيوت مُتشكّلة، قائلاً بنبرةِ غضبٍ مُتذمّرةٍ وغيرِ متخلخلة:
" لن أرافقَ الحسينَ بعد اليوم في مهمةٍ ياأسيادَ حملةِ هندستِنا المُستبسلة ، حتّى ولو كانتِ لديارِ (باريسَ) ذي الأنساب المُنكرةِ المُتَعلعلة، ولو رأيتمونا إذ الجوعُ ظهراً في بغدادَ قد طحنَ مَعيَّنا وحوايانا طحنةً غيرَ رحيمةٍ ولا مُحتملة ، وإذ أمَرَ تاجرُ الغيارِ (الفرطوسي) فتاهُ بإحضارِ كبابٍ لكلينا كضيافةٍ منه وعن الشبهاتِ مُنعزلة، وإذ بالحسينِ يعوذُ من الغداءِ بمعاذيرَ مُتململة غير متكللة، ثمَّ يلوذُ بي الى جادّةٍ في (ساحة الميدانِ) عمياءَ غير مكتملة، فيلجُ دهليزاً يقالُ له (مطعم) أو هكذا في تصانيفَ بلدية بغداد قيوده مُسجّلة، فأمرَ الحسينُ لنا وبشموخٍ متنمّرٍ بأربعِ شطائرٍ من (فلافلَ) بأمراضِ الكلى خيوطها متصلة، ثم طَحنّا حِمَّصَها على مضضٍ ، ثم دفعَ الحسينُ (من كيسهِ الخاص) أثمانَاً لفلافلٍ من الحصى حبيباتُها مستأصلة، ثم تَجَرَّعَنا قدحين من سائلٍ شبه ورديٍّ ، قد سمعتُ جليسٌ لي يدعو ماءَهُ (شاياً) فعرفتُ أنه هو شايُ ظهيرتِنا المُتزلزلة.
فهل للحسينِ الحقَّ - ياسادة- في رفضِ غداءَ الرجلِ ، ورعاً من شِراكِ حلالٍ وحرامٍ أحاطت بنا مدبرةً ومستقبلة، ومعاذَ الله أن تدنوَ نفسي على لعاعةٍ من خزائن الناسِ، عليها مواثيقُ الله وعهودُ الحكم مُنسدلة، بيد أنّي رأيتُ ألا حرجَ في طعام (الفرطوسي) وكان للضيافةِ أقربُ منه لرشوةٍ ماثلةٍ ممتثلة، فلمَ التشدّدُ بورعٍ في شؤونٍ أراها صغيرةً ومُستَحللة؟
ضحكَ الحضورُ وقهقهوا عجباً بقهقاتٍ متتابعةٍ متصلة! من نزاهةِ حُسينٍ ومن نزاهة عَديٍّ ، نزاهة توأمتين غير منفصلة، وكان نظرات الحضورِ بتعظيم نزاهتهما واجباً وجباً ومغتسلة ، ثم هجم الحضور على الحسين تنديداً له مما أبداهُ العديِّ وشجباً بحروفٍ متهطّلة.
بقيَ أن نذكُرَ أن في عهدةِ الحسينَ والعديَّ ملايين من دنانير قبالة قائمةِ سيملآنها بمايشاؤون من أسعارِ مُنزَّلة، فلا حسابَ عليهم إلا من علام الغيوبِ وكانت ضمائرهم لقيودِ لغيبِ حافظةُ، ومنه خاشعةٌ ، واليه مبتهلة. رغم أن مرتباتهم كانت لاتكفيهم لبضعةِ أيامٍ في غلاءٍ فاحشٍ غشي البلاد بمخالب متدلدلة، لكن نفسيهما ما دنتَا وماخرقتا عهد الله وقسم التخرّجِ بمناورات ضالّة مُضلَّلة.
تحية نقية لأخويَّ:
* ( العميد حالياً عدي أبي أحمد ) ذو نفسٍ وفية، وزأرةِ عفوية غير مفتعلة...
* أخي (الرائد آنئذٍ حسين) الذي نُقِلَ منا منذ أن أتممنا إنجاز تلك الحملة المباركة المتنفلة، الى وحدةٍ عسكريةٍ أخرى مهامُها أقل مشقةٍ ومُعتدلة، ولا ندري حتى اليوم أين دارت به الايامُ وصروفها المستفحلة، لكنّا نتمنى له التوفيق إن كان حيّاً، أو الرحمات لنفسٍ كانت على ربها دوماً حافظة ومتوكلة.
وهنا ...
تمَّ تكليف (الرائد حسين... ) و ( النقيب عدي حمزة مرزة) بشراءِ وتأمينِ قطعِ غيارٍ من اسواق بغدادَ لآلياتٍ كادت أن تكون مستهلكةً أو مُضمحلة، فإستقلَّ الضابطانِ مع خيوط الفجرِ عجلةَ (وازٍ) روسيةً، دواليبهُا كانت متراقصةً كعاهرةٍ على دكّةِ رقصٍ مُتخلخلة ، ولكأنَّ الرحلةَ على متنِها أشبهُ بقصيدةِ شعرٍ حُرٍّ قوافيهِ ساذجةٌ وغير موزونةٍ ولا مرتلة، أو كأنها قعدةً كريهةً في معتقلٍ لزعيمٍ عربيٍّ ، ذميمةً غيرَ مُذهلة.
ثمَّ...
عاد الحُسينُ و عادَ العَديُّ من بغداد الينا ليلاً وعيونُهمُ حمراءُ، ورموشهم غبراءُ غيرَ مكتحلة ، وإذ سواعدهمُ بما كُلِّفوا من تجهيزاتٍ ومن مواد إحتياطيةٍ مُشتملة، وما إن إستراحوا هنيهاتٍ من وعثاءِ رحلةٍ مقيتةٍ مبتذلة، حتى زأرَ (العَديُّ) في الحاضرين من ضباطٍ كانت بدلاتهم من الأوحالِ والزيوت مُتشكّلة، قائلاً بنبرةِ غضبٍ مُتذمّرةٍ وغيرِ متخلخلة:
" لن أرافقَ الحسينَ بعد اليوم في مهمةٍ ياأسيادَ حملةِ هندستِنا المُستبسلة ، حتّى ولو كانتِ لديارِ (باريسَ) ذي الأنساب المُنكرةِ المُتَعلعلة، ولو رأيتمونا إذ الجوعُ ظهراً في بغدادَ قد طحنَ مَعيَّنا وحوايانا طحنةً غيرَ رحيمةٍ ولا مُحتملة ، وإذ أمَرَ تاجرُ الغيارِ (الفرطوسي) فتاهُ بإحضارِ كبابٍ لكلينا كضيافةٍ منه وعن الشبهاتِ مُنعزلة، وإذ بالحسينِ يعوذُ من الغداءِ بمعاذيرَ مُتململة غير متكللة، ثمَّ يلوذُ بي الى جادّةٍ في (ساحة الميدانِ) عمياءَ غير مكتملة، فيلجُ دهليزاً يقالُ له (مطعم) أو هكذا في تصانيفَ بلدية بغداد قيوده مُسجّلة، فأمرَ الحسينُ لنا وبشموخٍ متنمّرٍ بأربعِ شطائرٍ من (فلافلَ) بأمراضِ الكلى خيوطها متصلة، ثم طَحنّا حِمَّصَها على مضضٍ ، ثم دفعَ الحسينُ (من كيسهِ الخاص) أثمانَاً لفلافلٍ من الحصى حبيباتُها مستأصلة، ثم تَجَرَّعَنا قدحين من سائلٍ شبه ورديٍّ ، قد سمعتُ جليسٌ لي يدعو ماءَهُ (شاياً) فعرفتُ أنه هو شايُ ظهيرتِنا المُتزلزلة.
فهل للحسينِ الحقَّ - ياسادة- في رفضِ غداءَ الرجلِ ، ورعاً من شِراكِ حلالٍ وحرامٍ أحاطت بنا مدبرةً ومستقبلة، ومعاذَ الله أن تدنوَ نفسي على لعاعةٍ من خزائن الناسِ، عليها مواثيقُ الله وعهودُ الحكم مُنسدلة، بيد أنّي رأيتُ ألا حرجَ في طعام (الفرطوسي) وكان للضيافةِ أقربُ منه لرشوةٍ ماثلةٍ ممتثلة، فلمَ التشدّدُ بورعٍ في شؤونٍ أراها صغيرةً ومُستَحللة؟
ضحكَ الحضورُ وقهقهوا عجباً بقهقاتٍ متتابعةٍ متصلة! من نزاهةِ حُسينٍ ومن نزاهة عَديٍّ ، نزاهة توأمتين غير منفصلة، وكان نظرات الحضورِ بتعظيم نزاهتهما واجباً وجباً ومغتسلة ، ثم هجم الحضور على الحسين تنديداً له مما أبداهُ العديِّ وشجباً بحروفٍ متهطّلة.
بقيَ أن نذكُرَ أن في عهدةِ الحسينَ والعديَّ ملايين من دنانير قبالة قائمةِ سيملآنها بمايشاؤون من أسعارِ مُنزَّلة، فلا حسابَ عليهم إلا من علام الغيوبِ وكانت ضمائرهم لقيودِ لغيبِ حافظةُ، ومنه خاشعةٌ ، واليه مبتهلة. رغم أن مرتباتهم كانت لاتكفيهم لبضعةِ أيامٍ في غلاءٍ فاحشٍ غشي البلاد بمخالب متدلدلة، لكن نفسيهما ما دنتَا وماخرقتا عهد الله وقسم التخرّجِ بمناورات ضالّة مُضلَّلة.
تحية نقية لأخويَّ:
* ( العميد حالياً عدي أبي أحمد ) ذو نفسٍ وفية، وزأرةِ عفوية غير مفتعلة...
* أخي (الرائد آنئذٍ حسين) الذي نُقِلَ منا منذ أن أتممنا إنجاز تلك الحملة المباركة المتنفلة، الى وحدةٍ عسكريةٍ أخرى مهامُها أقل مشقةٍ ومُعتدلة، ولا ندري حتى اليوم أين دارت به الايامُ وصروفها المستفحلة، لكنّا نتمنى له التوفيق إن كان حيّاً، أو الرحمات لنفسٍ كانت على ربها دوماً حافظة ومتوكلة.
إرسال تعليق