العودة إلى العالم الأول

مشاهدات




الإعلامية ندى الكيلاني


ليتني أستطيع فتح نافذة الماضي 

هناك حيث كنت طفلة صغيرة 

أعود و أتسلق أغصان الأشجار 

لأقطف منها زهرة جميلة 

أزين بها ضفائري الفضية 

أطير فوق السحب الرمادية 

و أنا على تلك الإرجوحة العتيقة 

و الفراشات الملونة تحوم حولي 

و كأنها تضحك و تلون لي سمائي و أرضي 

كي لا أعلم ما هي الحقيقة 

أركض في حقولي العشبية 

و تركض معي الطيور و كأننا نلعب سوية 

أستعيد ذاتي المسروقة 

و أعود أميرة البراءة و الحرية 

هناك لا حدود و لا قيود 

و لا نفوس خبيثة 

كانت أمي تقول لي دائما 

الحياة ليست كما تظنين وردية 

الحياة قاسية و البشر سيئون 

و كنت أعتقدها تبالغ في الظنونية 

كنت لا أرى سوى الجمال سوى الألوان 

سوى الأحلام الذهبية 

كنت أسافر في قطارات الزمان 

لا خط بداية و لا نهاية لديها 

هكذا في الفضاء و حولي النجوم المضيئة 

كنت أسطر النقاء على جدران الأرصفة 

كي لا يمحوها أقدار و لا من يظنون أنفسهم يمتلكون الإنسانية 

كنت أتمشى تحت المطر 

و أترك لقطراتها تسقط على جسدي 

و تغسل روحي كي لا يبقى منها ذرة خطيئة 

كنت أقسم كل ليلة أن لا أعود 

أن أبقى هناك أنثى تعشق الحرية 

كنت أنظر إلى القمر و أحلم أنني 

ذهبت إليه و مددت له طرقات السفر 

و نظرت منه إلى كوكبنا هذا 

نظرة إشفاق ياليتهم كانوا هكذا 

ياليتهم استحقوا الأرض 

و لم يطغوها بخبثهم و قساوة القلب 

لم أحلم يوما أن أمتلك الأجنحة 

كان حلمي فقط أن أحلق و لايهم الوسيلة 

كنت أريد عيش الحياة لا أن أحلم بعيشها 

كنت أريد الغوص في البحار و اكتشتاف ألغازها 

و أعقد صداقة مع صدفاتها و أسماكها 

و أوقع معهم معاهدة صدق النية 

أتعهد للسماء و للأنهار و للجبال 

أن أبقى كما أنا 

سأدعهم هناك في غابات الضياع 

و أنا سأهرب و سأنجوا بروحي الغريبة 

فروحي يستحيل لها التعايش مع أرواحكم 

فحتى الموت يأخذ تلك الأرواح 

برأفة و بحنان الأبوية 

أما أنتم مجرد مساكين الحياة و الآخرة 

و لن تنالوا سوى أسوأ العقاب 

و أسوأ النهايات المفجعة 


0/أرسل تعليق

أحدث أقدم