د. حسنين جابر الحلو
كتب "الان دو بوتون" كتاباً مهماً بعنوان ( قلق السعي إلى المكانة الشعور بالرضا او المهانة ) ، تحدث من خلاله عن حياة الناس وطبائعهم في امتلاك مكانة ، أو الخوف من فقدانها ، لأن المكانة لديه هي وجوب ان تكون محط انشغال وعناية ، وهنا تأتي لتفرز حالة صعبة في مكونات حياتنا الاجتماعية ، وكما أرى أن وضع انسجامات داخل محيط المجتمع قد يغير حالة او يثبتها ، ولكن ! الانسان من طبيعته السعي إلى مكانة ، سواء كانت علمية أو اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية ، بحيث لابد أن يحوط نفسه بمكان ينطلق ليؤسس، ولعله يفشل او يبدع ، وكما يقول "لاوتسو" : ( الاخفاق هو اساس النجاح) ، وهذا الأمر مهم للادراك، بحيث لا يمكن لنا أن نصنع مزيجا من النجاح المتكامل ، من غير أن تكون هناك محاولات ، هذه المحاولات أما ناجحة او فاشلة ، قطعا محاولة التسليم للفشل كارثة ، لابد أن نصنع من أنفسنا قاعدة لننطلق نحو قمة النجاح ، وأي نجاح ؟ هل هو الآني السريع ؟ أم المستمر ؟ قطعا لكل نجاح وقت . ولعل من باب العمل على دوامه لابد من تخطيط، لزرع مكانة في قلوب الناس اولا ، ومن ثم المجتمع ثانيا ، لأننا في داخل مجتمعاتنا عملنا على توريث المكانة من جهة ، مما أنتج إرث فوق إرث، حتى وإن كان عند غير مستحقيها، بمعنى المكانة المتوارثة، التي لاتزول، بل الابن والحفيد وآلية الأسر الممتدة ، بينما من لم يجد مكانة في حياته ، يشعر بالظلم وعدم الرضا ، لأنه وبكل صراحة فقد فرصة المكانة ، أما لتهاون المجتمع ، أو تهاونه، وكلاهما يحتاج إلى وقفة ، فالأولى كثير من المجتمعات تظلم أفرادها، فتعلي من شأن الوضيع حتى يتسيد ، وتترك العالم حتى يهوى ، والثانية ، هناك من ظلم نفسه ، ولم يتجاوز محنة المكانة ، حتى جاء آخر وأخذ الفرصة ، وبقي يندب حضه العاثر ، الذي افقده الصواب، وجعله بين محنة المكانة المفقودة ، والاهانة الموجودة :
اتحسب نفسك جرم صغير
وفيك انطوى العالم الأكبر
إرسال تعليق