كلمة برهم صالح في السنة الجديدة تأبين للعراق أكثر منها رسالة أمل

مشاهدات



بغداد - أثارت كلمة الرئيس العراقي برهم صالح، الخميس، بمناسبة الاحتفال بأعياد الميلاد، جدلا في الساحة العراقية خاصة أنه تكلم كمواطن مغلوب على أمره وليس كرئيس دولة كان شريكا في تأسيس منظومة عراق ما بعد 2003 التي قال إنها فاشلة وباتت عاجزة عن خدمة العراقيين.

ووصف نشطاء عراقيون هذه الكلمة بأنها مرثية تؤبن عراق ما بعد 2003 أكثر منها رسالة أمل ينتظرها العراقيون وهم يخرجون من سنة صعبة تراكمت عليهم فيها الأزمات.

وأشار صالح إلى أن العراق بحاجة إلى عقد سياسي جديد يؤسس لدولة ذات سيادة كاملة، نظرا إلى تصدع منظومة الحكم التي تأسست بعد 2003.

وقال، وفق بيان للرئاسة العراقية، “نودعُ 2020، عام الآلام والأزمات التي كادت تدفع البلاد نحو منزلقات خطيرة (…)، المسؤولية التاريخية والوطنية تقتضي العمل الجاد على إنهاء دوامة الأزمات التي تعصف بالعراق”.

وأضاف “لذا فنحنُ بحاجةٍ ماسة إلى عقد سياسي جديد يؤسس لدولة قادرة ومقتدرة وذات سيادة كاملة، لأن منظومة الحكم التي تأسست بعد عام 2003 تعرّضت إلى تصدع كبير”.

واعتبر مراقبون عراقيون أن برهم صالح، وهو يرأس مؤسسة يفترض أنها ركن أساسي في منظومة الحكم، بدا مستسلما للأمر الواقع الذي ساهم في تشكيله خاصة ما تعلق بسيطرة الميليشيات وتعاظم النفوذ الإيراني، وقد شارك بنفسه في بناء نظام المحاصصة الذي منح إيران والأحزاب الدينية الموالية لها سيطرة مطلقة على العراق مقابل ضمان موقع له في العملية السياسية.


وتابع صالح أن “منظومة الحكم في العراق لا يُمكنها أن تخدم المواطن الذي بات محرومًا من أهم حقوقه المشروعة”، مشددا على أنه “من غير الممكن أن يتحمل المواطن العراقي ضريبة الصراعات والإخفاقات السياسية والفساد”.

ودعا الرئيس العراقي إلى تبني حزمة إجراءات فاعلة وسريعة لمساعدة الطبقات الفقيرة، ومواصلة الحرب على الفساد.

وقال الكاتب العراقي فاروق يوسف إن برهم صالح يوجه نقده اللاذع للنظام الذي أقامه الأميركان بعد 2003 بتجرد وحيادية بالرغم من أنه كان من بناة ذلك النظام.

واعتبر يوسف في تصريح لـ”العرب” أن كلام صالح هو “تملص من المسؤولية عن فشل ذلك النظام في إقامة دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان”.

وأضاف أن الرئيس العراقي “يدعو إلى رفع اليد عن النظام الذي صار من وجهة نظره قديما والبدء ببناء نظام سياسي جديد لكن بالأدوات نفسها، بما يعني إعادة إنتاج النظام بصيغة قد تبدو ملطفة من الخارج غير أنها ستضمر بالضرورة توسيعا لقاعدة الفساد”.

وخلص الكاتب العراقي إلى أن الفاسدين سيظلون هم “سادة الموقف بحماية مطلقة من الميليشيات التي صار وجودها جزءا عضويا من تركيبة النظام الذي يعرف صالح قبل غيره أنه قد تحول إلى نظام ميليشيات”، وأن “الحكومة لم تعد قادرة على التحرك خارج المناطق الضيقة التي تسمح بأداء وظائف لا يمكن التمييز من خلالها بين حكومة وأخرى على مستوى الأداء”.

وأظهرت الأحداث الأخيرة تناميا غير مسبوق لنفوذ الميليشيات في مقابل ضعف الحكومة. ورغم سعي رئيس الحكومة الحالي مصطفى الكاظمي لفرض هيبة الدولة، اصطدم بواقع مختلف تتحكم الميليشيات في كل مفاصله، ما دفعه إلى مجاراة الوضع تماما مثلما كان يفعل سابقوه.

ونجحت إيران والميليشيات الموالية لها في تحويل نظام المحاصصة، القائم على توزيع المنافع على طوائف مختلفة وبدرجات متفاوتة، إلى نظام خادم لجهة واحدة مقابل تهميش الأكراد والسنة وممثلي بقية المكونات الذين كانوا شركاء في بناء النظام.

وبات هَمُّ ممثلي الطبقة السياسية البحثَ عن إجراء الانتخابات وتوظيف نتائجها لتحصيل مواقع في البرلمان والحكومة وتوفير غطاء لمصالحهم، وحماية الفاسدين.

0/أرسل تعليق

أحدث أقدم