تنبيه سياسي- العراق على صفيح ساخن

مشاهدات



العراق بلد حيوي وله وظائف تتعلق بالجغرافيا السياسية الدولية والتوازن الإقليمي الدولي ، واصبح اليوم على شفا الانهيار الشامل ، بعد ان عصفت به ظواهر التقطيع النعام والصلب ، وتفكيك البنية التحتية المؤسساتية والمجتمعية والعسكرية والأمنية ، وعسكرة السياسة ومليشة السلطة وتهميش المؤسسات الحكومية فضلا عن الفساد والنهب الحر لثروات واموال العراقيين، ، وتحول العراق من بلد توازن يضمن الامن والسلم الى مسرح حروب بالوكالة تديرها دول إقليمية ، وتنفذها أحزاب الإسلام السياسي بشقيها السني والشيعي ، فضلا عن اذرعها المسلحة والوافدة ، بالتوازي مع التنظيمات الإرهابية اللذين يلتقيا في مصب واحد وهو تدمير العراق .

شهد العراق على مدى عامين ، عمليات عسكرية غير مميتة ضد القواعد والقوات الامريكية المشاركة في التحالف الدولي لمحاربة داعش ، والتي تعمل بموافقة الحكومة العراقية منذ عام 2014 ، ونفذت تلك العمليات المليشيات الولائية التابعة لإيران والتي بلغ تعددها 44 فصيل ، إضافة الى استهداف السفارة الامريكية والبعثات الأجنبية ؛ وكان حادث اقتحام السفارة الامريكية في بغداد ديسمبر العام الماضي قد شكل منعطفا في مناخ العراق السياسي ، بالتزامن مع الحراك التشريني الذي تم انهائه بالقوة ، وتعرضت يوم الأحد الماضي السفارة الامريكية الى هجوم صاروخي ، فضلا عن التصعيد المليشياوي ضد الحكومة العراقية .


 مؤشرات

  • قصفت السفارة الامريكية في بغداد ب 21 صاروخ وتبين أن منطقة الإطلاق كانت من معسكر الرشيد (جنوبي بغداد)، وسقطت الصواريخ داخل المجمع السكني على عدد من عمارات القادسية السكنية بعد استخدام السفارة نظامها الدفاعي سيرام
  • اتهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إيران بالضلوع في الهجمات الصاروخية، التي استهدفت السفارة الأمريكية في بغداد، وحذرها من أنه سيحملها المسؤولية في حال مقتل أي أمريكي هناك
  • كشفت شبكة (سي إن إن) الإخبارية الأمريكية أن اجتماعا عقد في البيت الأبيض، الأربعاء، لبحث الرد على “تهديدات” إيران؛ وقال المصدر إن الاجتماع عُقد بشأن “التهديدات الإيرانية الأخيرة”. حيث تمت مناقشة الخيارات لكن لم تتم الموافقة على توجيه ضربات عسكرية في الوقت الحالي، وقال المصدر إن ما تمت مناقشته هو زيادة الجهود على الجبهة الدبلوماسية.
  • عززت الولايات المتحدة الأمريكية وسائل الردع العسكري في منطقة الخليج العربي ؛ خاصة مع استقدامها للغواصة النووية (جورجيا) رفقة حاملتي طائرات، في تأهب عسكري واضح يرسم ملامح احتمالية تنفيذ عمل عسكري
  • قالت البحرية الأمريكية في بيان الاثنين الماضي إن الغواصة الأمريكية النووية (يو.اس.اس) “جورجيا” عبرت مضيق هرمز رفقة الطرادين (بورت رويال) و(فيليبين سي) إلى مياه الخليج العربي، “كقوة مناورة مرنة بطبيعتها، قادرة على دعم العمليات الروتينيّة والطوارئ، يوضح وجود الغواصة جورجيا، التزام الولايات المتحدة بالشركاء الإقليميين والأمن البحري، مع مجموعة كاملة من القدرات للبقاء على استعداد للدفاع ضد أيّ تهديد في أيّ وقت”.
  • نقل حاملة الطائرات “يو إس إس نيميتز” إلى منطقة الخليج مع سفن حربية أخرى.
  • حلّقت قاذفتان أميركيّتان من طراز بي-52 فوق منطقة الخليج، في استعراض للقوة ، في وقت يُقلّص الجيش الأميركي وجوده العسكري في المنطقة.
  • زار قائد فيلق القدي الإيراني قاآني العراق خلال اليومين الماضيين، والتقى المسؤولين العراقيين وقادة المليشيات الولائية وخلال هذا الشهر زار العراق مرتين
  • صعدت فصائل من الحشد الشعبي الموقف السياسي والأمني مع الحكومة العراقية ، من خلال نزول المليشيات للشارع واستعراضات عسكرية وسط بغداد فضلا عن تصريحات غير مسبوقة ضد الحكومة العراقية ورئيسها مصطفى الكاظمي


العراق يغرق  


يغرق العراق في فوضى مسلحة، وشلل حكومي في التصدي للمليشيات ، فضلا عن شبح الانهيار الاقتصادي، ولم يتمكن العراق من النهوض في ظل تركيبة النظام السياسي وعسكرة السياسة ، اذ يفتقر للأطر السياسية والديمقراطية ، وتهيمن عليه الأحزاب والمليشيات الشيعية ، وتعمل بسياق الاستئثار والقطبية الطائفية السياسية والمسلحة ، فضلا عن النفوذ الإيراني المتعاظم ، وعسكرة الواقع السياسي العراقي بعشرات المليشيات المسلحة، التي نفذت عمليات عسكرية غير مميتة ضد القوات الامريكية منذ بداية 2019 وحتى اليوم

وشهد العراق مؤخرا جملة احداث تؤكد تغول المليشيات على الدولة والحكومة ومؤسساتها ، وقد طرحت التصريحات والتهديدات المتبادلة بين رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي ومليشيا عصائب أهل الحق العديد من التساؤلات حول قدرة الحكومة في انهاء المظاهر المسلحة ،  وقد أعلنت حركة “عصائب أهل الحق” يوم الجمعة، “تأهبها” لـ “المواجهة” بعد أن هددت رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، على اثر اعتقال منتسب لها متهم بأطلاق الصواريخ على المنطقة الخضراء وفقا للحكومة ، فضلا عن تهديدات “كتائب حزب الله” المنضوية تحت لواء “الحشد الشعبي” العراقي رئيس وزراء مصطفى الكاظمي، محذرة إياه من “اختبار صبر ((المقاومة)) مع بعض العبارات غير اللائقة، وتمثل “عصائب أهل الحق” و”كتائب حزب الله” فصيلين نافذين ضمن “الحشد الشعبي” المدعوم من قبل إيران


الاستعدادات العسكرية الامريكية


رفعت القوات الأمريكية تأهبها العسكري خلال الأيام الماضية تحسبا لأي هجمات إيرانية متوقعة على مواقعها العسكرية والدبلوماسية، مع اقتراب الذكرى الأولى لمقتل قائد فليق القدس الإيراني قاسم سليماني بغارة أمريكية في بغداد، وقد صرح الرئيس المنتخب جوبايدن بان مسؤولية الرئيس ترامب الحفاظ على امن الولايات المتحدة الامريكية حلال الأسابيع الأربع قبل استلامه المنصب ،  وتشهد المنطقة عموما تصعيداً لنشاط إيران العسكري في العراق وسوريا واليمن .

ووفقا للمؤشرات العسكرية فان الاستعدادات العسكرية الامريكية النهائية لشن ضربة عسكرية سواء في المسرح العسكري العراقي او خارجه قد انتهت ، والاستعدادات الوقائية العسكرية لما بعد الضربة الأولى ، وبانتظار القرار السياسي ، والكرة في ملعب الرئيس دونالد ترامب ، لاسيما انه قد وجه اتهام وتحذير مركب مصحوب بنصيحة الى الإيرانيين ، وقد شهدت الولايات المتحدة حوادث امنية شكلت خرقا للأمن الوطني ، حيث انفجرت شاحنة في مدينة ناشفيل بولاية تينيسي الأمريكية في صبيحة عيد الميلاد 25 ديسمبر، في حادث وصفته الشرطة بأنه “متعمد” ولاتزال التحقيقات مستمرة .


الانحناء للعاصفة


في ظل هذه التطورات السياسية والعسكرية اذ من المرجح ان تمارس ايران سياسة الانحناء للعاصفة ، وتتجه الى خطوط التفاوض السياسية عبر وسطاء دوليين واقليمين ، وقد تقدم تنازلات قد تشمل تحديد انتشارها العسكري غير النظامي ( القوة الوكيلة التابعة لفيلق القدس الحرس الثوري الإيراني) وقد توافق على تفكيك ميليشياتها في العراق  والابقاء على النفوذ السياسي للأحزاب السياسية المقرون بأذرع عسكرية ، وقد يكون التواجد في سوريا هو الاخر موضوع تفاوض ، لاسيما ان السياسة الايرانية تجيد كسب الوقت والمماطلة والصبر الاستراتيجي واغراق الأطراف بالتفاصيل الإجرائية التي يمكن اندثارها مع الوقت .


المصدر: مركز صقر للدراسات


0/أرسل تعليق

أحدث أقدم