لا تظلموا الفول السوداني

مشاهدات



الحبيب الأسود


نسبة هذا النوع من المكسرات أو البقول للسودان ليس له ما يفسره سوى أن السودان هو الأكثر إنتاجا له.

إشاعة لا أساس لها من الصحة

لا أعرف سر السمعة السيئة للفول السوداني في تونس، ولا أستطيع أن أحزر من كان سباقا منذ أكثر من قرنين من الزمن في نشر إشاعة حول تسببه في إضعاف القدرات الجنسية للرجال، لكن يذهب في ظني أحيانا أنه تاجر لوز بارت سلعته أمام الفول السوداني فنشر بين الناس أن تناوله يطيح بأقدار الرجال في الفراش، عكس اللوز الذي يعطيهم القوة والطاقة.

يطلق التونسيون على الفول السوداني اسم “الكاكاوية”، وهو اسم منحدر من اللسان الفرنسي، لكن نسبة هذا النوع من المكسرات أو البقول للسودان ليس له ما يفسره سوى أن السودان هو الأكثر إنتاجا له، أما أصوله فتعود إلى أميركا الجنوبية، ويعتقد المؤرخون أنه ظهر في البيرو والبرازيل قبل آلاف السنين حيث كشفت الحفريات أن السكان القدامى هناك كانوا يصنعون الفخار على شكل الفول السوداني أو الجرار المزينة بالفول السوداني منذ ما قبل 3500 عام. وحوالي العام 1500 قبل الميلاد، قدمت حضارة الإنكا في البيرو الفول السوداني كقرابين ودفنته مع المومياوات لمساعدتها في رحلة الحياة الروحية، ثم اكتشف الأوروبيون هذه النبتة لأول مرة في البرازيل، وقد كانت تزرع شمالًا حتى المكسيك عندما بدأ الإسبان استكشافهم للعالم الجديد، فنقلوا بذورها معهم في رحلة العودة إلى إسبانيا، ومن هناك قام التجار والمستكشفون بنشره في آسيا وأفريقيا، ليكون الأفارقة أول من أدخل الفول السوداني إلى أميركا الشمالية بداية من القرن الثامن عشر الميلادي.

ولم تعرف الولايات المتحدة زراعة الفول السوداني كمحصول تجاري إلا في بدايات القرن التاسع عشر، وتحديدا في ولاية فرجينيا حيث تم استخدامه بشكل أساسي لاستخراج زيت للطعام فكان بديلا عن الكاكا، وربما من هناك جاء اسم الكاكاوية.

وبالعودة إلى أصل الحكاية، فإن الفول السوداني وعكس ما يشاع عنه في تونس، يعتبر من أكثر البقول المحفزة جنسيا لدى الرجال، ويحتوي على مواد أساسية تساعده على ذلك مثل الحمض الأميني “الأرجنين” والزنك والفلافونويد والريسفيراترول والنياسين والدهون الأحادية وبعض الفيتامينات المهمة مثل “سي” و”بي 1″ و”بي 2″ و”بي” المركب وفيتامين “أي” وفيتامين “بي 6” و”بي 9″، وهو غني بالطاقة، ويجمع العلماء على أنه صديق للقلب والشرايين والأوعية الدموية، ولديه قدرات على القضاء على الكوليسترول الضار وتحسين الذاكرة وتفادي الأورام ومنع المرارة من تكوين الحصى ويعالج الإمساك ويقاوم الاكتئاب ويساعد على تخفيض الوزن وعلى الوقاية من الزهايمر ويساعد على نمو الشعر وصحة ونعومة البشرة، كل ذلك شريطة ألا يتم الاعتداء على مكوناته بالتحميص والتمليح.

أما الإشاعة التي تلاحقه بيننا نحن التونسيين، فلا أساس لها من الصحة، وكما أسلفت فقد تكون دعاية تجارية خرجت من سوق البقول والمكسرات، فقديما كانت في الناس الإشاعات كما هو الحال اليوم، ولكن لا أحد كان بوسعه أن يكذبها نظرا لغياب المعطيات الموثقة والمؤكدة علميا، لذلك علينا أن ننتصر له ونعيد إليه اعتباره ونحتفل به، فهو نعم الزاد ونعم الرفيق.

0/أرسل تعليق

أحدث أقدم