من هو ألمگرود ؟

مشاهدات


 


محمود الجاف

 
المگرود : هو المظلوم الذي يعيش في عمق القاع ، الضعيف الذي ليس له حول ولا قوة . الفقير أو المسكين قليل الحظ . وهو موجود في كل الشعوب منذ الأزل . والآن صارت اعدادهم بالملايين . بعضهم يعيش في الكهوف والأنفاق أو مخيمات اللاجئين بعد ان كافأتهم ( أوطانهم ) بالطرد وصاروا يحملون صفة المُهجرين أو المُهاجرين الذي يجوبون العالم ليذوقوا عذابات الدول وذل التافهين وظلمهم . هم الوقود لكل جائحة ، القاطنون في الخيام أو بيوت الطين الذين يشربون المياه الملوثة ، الصامتون الذين ينتظرون الحصة التموينية ويبيعون أعضاء جسدهم ليعيشوا . الذين تعرفوا على الصبر منذ نعومة أظفارهم وعرفوا معناه بعد أن ذاقوا مرارته قطرة بعد قطرة .. هم نفس الأشخاص في كل العهود ، وزاد الطين بلة ما جرى لهم في العهد الأمريكي الصفوي الجديد . فقد تحولوا الى عبيد ، وعندما يطلقون سراح نخوتهم ويثوروا ضد الأسياد يُقمعون بالرصاص . عربا كانوا أم تركمانا أم أكراد ، سنة وشيعة .. سيقابَلون بأعمال شنيعة ويوصَفون بأوصاف فظيعة ويحاكمون بأحكام سريعة .. ثم يدفنون خلافاً لأي دين أو ملة أو شريعة ..

 
كذلك المگرودات . اللواتي دخلنَ الى عالم الأسرة وهنَّ صغيرات وانجبنَ صغار . تعمل في الحقل أو البيت . تنظف وتطبخ وفي النهاية تُهان . تمشي حافية القدمين وسيدها يركب على الحصان .. الكائن الحنون اذلوها واعتقلوها ومازالت في السجون . انتزعوا منها زوجها أو اولادها وبعضهنَّ يتسولنَ أو يعشنَ الآن على النفايات .. تركوها معلقة بين الحب والشوق والأمومة والرقة وبين العذاب والفراق وامتحان الصبر وقسوة الحياة والأدهى من كل ذلك سيادة العاهرات ..

 
بل إن في عالم الحيوانات ايضا يوجد مگرودين ومگرودات فالكلب غانثر السادس يمتلك نصف مليار دولار تركتها له الكونتيسة الألمانية الراحلة كارلوتا ليبنشتاين ، والقطة meme ميمي التي تصل ثروتها إلى 99 مليونا ونصف المليون دولار . والدجاجة جيجو Gigoo التي يبلغ صافي ثروتها 15 مليون دولار ، وامثالهم في عالمهم يحلمون بلقمة حتى لو كانت مغمسة بالتراب ومعها ركلة من اقدام العابثين الذين يذيقونهم سوء العذاب . أو حجارة قد يصبح بعدها معاقاً طوال حياته لاتجرؤ أنثاه على الإرتباط به لانه لايشرفها جسدا وشكلا وقوة .

 
في عالمنا البائس يوما من الأيام كان على التلميذ أن يجلب شهادة فقر حال من مختار المحلة لكي يستلم الكتب المدرسية أو يشمل بمعونة الشتاء .. كل ذلك العناء من أجل بنطلونٍ أو حذاء . ولما صار التعليم مجاني ، ضجر العدو وقال ان هذا التعامل غير إنساني . انهم جزء مهم من الشعب الذي يحتاج الى ثورة على الخرافات والحيالين والحيالات والدجالين والدجالات وعلى نفسه قبلها لكي يتحرر من أفكاره ويسأل لماذا انا مگرود ؟ .. لأنه سيكتشف انه يعيش ويفكر بشكل خاطىء . وأن الفقر الذي قتله تناسل مئات المرات طغياناً أشد قسوة . علينا الإختيار بين الموت ونحن على قيد الحياة أو أن نبقى مگاريد حتى الممات .

 
لا يوجد حصة تموينية لأنهم خارج البلد أو رُحِّلوا الى محافظات بعيدة وفارقوا الأهل والولد، ولا أحد يريد عودتهم لان رؤوس عصابات المافيا عنيدة . واذا ذهبوا لجلب الحصة سيدفعون أجور نقلٍ تعدل ألف كيلو رز وعشرة آلاف كيلو فاصوليا . دفعوها ثمن خدماتهم لما يطلقون عليها الأوطان .. هم الشريحة الواسعة التي ليس لها ناهب أو ناهبة واحترامهم ومداراتهم غير واجبة لأن امريكا والصهيونية ليست عنهم راغبة وايران تكرههم كره العمى ولاتوجد اسمائهم في الحاسبة ..المغفلين الذين تركوا نسائهم أرامل واولادهم يتامى من اجل ان تكثر املاك البعض أو تكبر كروش حاكميهم الذين يتمتع أولادهم في عالم ألف ليلة وليلة .. المگرود الذي استبدل بالدم شعبه وتبرع من أجلهم بعمره لأنهم كانوا عنده لديهم قدسية أكثر من الكعبة ..

 
شعب مگرود ، ولأنه خرج من حرب إنتصر فيها ودخل في حرب خسر فيها طردوه خارج الحدود .. كأن الله يهيئه الى أمر كبير وان مايجري له مقصود .. بشر وحيوان ونبات وحشرات وأحجار مدللة غالية الثمن وأخرى مگرودة .. حتى الشهور والأيام والسنوات المعدودة رغم إنها محدودة ، بعضها محسودة .. بل حتى الدودة التي يستخدمها الصياد لتكون الضحية التي يخدع بها الأسماك ..

 
مگرودة

0/أرسل تعليق

أحدث أقدم