أحلام مواطن عراقي في موازنة العام الجديد

مشاهدات

 




نصار النعيمي


وافق مجلس الوزراء العراقي خلال جلسته في 13 من آذار الجاري، على مشروع قانون الموازنة العامة للبلاد لعام 2023، بعجز مقداره 48.5 مليار دولار، وأحاله إلى البرلمان للاطلاع وإبداء الرأي قبل المصادقة عليه، وتحويله إلى الرئيس، وذكر المكتب الإعلامي لرئيس المجلس في بيان، أن "مجلس الوزراء وافق على مشروع قانون الموازنة العامة الاتحادية للسنوات المالية الثلاث المقبلة.
 
وقال المتحدث باسم الحكومة باسم العوادي في تصريح صحفي، إن العجز في الموازنة بلغ 63 تريليون دينار (48.5 مليار دولار)، وأضاف أن "العجز مسيطر عليه ومغطى بالكامل"،  مشيراً إلى أن "سعر برميل النفط الخام المصدر اعتمد في الموازنة 70 دولاراً، وبين المسؤول العراقي، أن "الإيرادات النفطية تبلغ 117.252 ترليون دينار (90.9 مليار دولار)، فيما تبلغ الإيرادات غير النفطية 17.301 تريليون دينار (13.3 مليار دولار)، وأوضح أن "إجمالي النفقات المقترحة 197.828 تريليون دينار (152.2 مليار دولار أمريكي)، والمشاريع الاستثمارية 47.555 تريليون دينار (36.6 مليار دولار)، وخصص في الموازنة حوالي 307 ملايين دولار لإقليم كوردستان لدفع رواتب موظفيه، في مقابل 400 ألف برميل نفط في اليوم ينتج في الإقليم.

من جهته وصف امين عام تيار بيارق الخير محمد الخالدي في تصريح صحفي، ارقام الموازنة التشغيلية بالمرعبة، مبينا ان النسبة تعد الأعلى ضمن موازنات العالم، واضاف، انه" من خلال الاطلاع على بعض بنود الموازنة يمكن رصد بعض الامور المثيرة للقلق وخاصة  الميزانية التشغيلية التي بلغت اكثر من 70 بالمئة وهي ربما الاعلى على مستوى العالم لان كل المحددات تقف عند 20 بالمئة ما يظهر فرق الارقام الكبير والذي يشكل خطراً حقيقياً اذا ما انخفضت اسعار النفط بمستويات عالية، واشار الى ان" العراق يعتمد على بيع النفط بنسبة 90 بالمئة واي انهيارات في الاسعار ستجعله امام خيارات صعبة جدا في تامين الرواتب وبقية المستلزمات الاخرى مؤكداً بان موازنة 2023 هي الاكثر تعقيداً في الدولة العراقية بعد 2003.

النائب محمد نوري العبد ربه قال في تصريح صحفي، إن موازنة العام تتضمن مشاكل عديدة منها في قطاعات الكهرباء والنفط وايضاً في المبالغ المخصصة للمحافظات والمشاريع، مؤكداً قراءتها الأولى في الجلسة المقبلة، وممكن التصويت عليها في جلسات لاحقة.
وذكرت الدائرة الاعلامية بمجلس النواب، في بيان مقتضب أن "رئيس اللجنة المالية النيابية عطوان العطواني أعلن تسلمه قانون الموازنة العامة الاتحادية في الثاني من نيسان الجاري.

إلى ذلك، يرى المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح، أن إعداد الحكومة موازنة لثلاثة أعوام يوفر رؤية لمستقبل العراق المالي، ويحتوي على تقديرات وتنبؤات لسنوات مقبلة، ليكون لدى مجلس النواب والمشرعين تصور عن كيفية سير الأمور المالية للدولة"، ويعطي للمشرع رؤية عن مستقبل العراق المالي في الأمد المتوسط ليستعد للاحتمالات كافة.

الباحث الاقتصادي، نبيل جبار العلي، يرى أنه طالما تعثر تقديم وإقرار الموازنات من قبل الحكومات أو مجالس النواب المتعاقبة لأسباب عدة، منها ما يرتبط بأمور فنية ولوجستية تخص إعداد الموازنة، ومنها ما يتعلق بالأسباب أو المعوقات السياسية، كتلك المرتبطة بالخلافات حول بنود الموازنة، أو تلك المرتبطة بالأبعاد القانونية والدستورية لتشريع الموازنة كوجود حكومة تصريف أعمال كما حدث عام 2022، أو غياب البرلمان كما حدث في نهاية 2021، أو الإرباك السياسي وتوسع مظاهر الاحتجاج كما هي الحال في سنة 2020، ويضيف ان إمكانية تطبيق بنود الموازنة في بنودها الاستثمارية من دون مشكلات، خصوصاً في ظل وجود الفساد الإداري، في حين تبقى المؤسسات الرقابية المسؤولة كهيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية ومجلس النواب كجهات عليها مراقبة التعاقدات دون تغيير، التي قد لا تكون ضامنة لحماية الأموال أو منع وصول الفساد اليها.

ويبين الدكتور ياس خضير البياتي في تصريح صحفي وجود سر دفين، وموطن سري للفساد، وهو ما لا يعرفه الكثيرون، في الموازنة التشغيلية، حيث تذهب 40 بالمئة لنثريات الرئاسات والوزراء ورجال الإدارة العليا، وأجور السفر والترحال، وتأثيث المكاتب الفاخرة، وموائد الأكل والشرب، والضيافات العربية الطائية، والمتبقي، هي رواتب بعضها حقيقية، لكن الكثير منها مبالغ في أرقامها الفلكية للمسؤولين الكبار، بينما المتقاعد المسكين ينتظر بشرى وعود زيادة الراتب لحل فاجعة عيشه المر.
بالمختصر، هناك ثغرات كبيرة في قراءة المستقبل، وما ستؤديه الرواتب بأنواعها وتسمياتها من تضخم اقتصادي غير مسبوق، وديون متراكمة على الدولة بسبب التباين الكبير بين التشغيلية والاستثمارية، ومبالغ الإيرادات النفطية وغير النفطية، والعجز في الميزانية، وكلها تمثل عائقاً في تطبيق البرنامج الحكومي، خاصة بوجود فقرات وثغرات في مجالي التشغيلية والاستثمارية تُشجع على الفساد، وستكون حكراً للمافيات السياسية.
أحلام المواطن العراقي لا تتعدى أن يحصل على الكهرباء الوطنية لساعات أكثر، وأن يشرب الماء الصالح للشرب، ويحصل على مكرمة السكر والطحين والعدس، وبرميل صغير من النفط يقيه من برد الشتاء، وعلاج في مستشفى صالحة للبشر، لا يريد أن يشغل نفسه بالتريليونات وأين تذهب، لان ما خسره العراق منذ عام 2003 ولحد اليوم لا يقدر ولا يحصى، من يعلم قد يكون بعد عسرٍ يسرا.





 





0/أرسل تعليق

أحدث أقدم