مباحثات الوفد العراقي في واشنطن وأزمة تراجع قيمة الدينار العراقي

مشاهدات

 





الاكاديمية والخبيرة القانونية
د.راقية الخزعلي



وصل وفد عراقي حكومي برئاسة وزير الخارجية (فؤاد حسين) الى العاصمة الامريكية _واشنطن_ الأربعاء الماضي وذلك لبحث جملة من الملفات المهمة والحساسة، ولعل اهم هذه الملفات هو ملف سعر صرف الدولار الأمريكي الذي شهد تذبذبا في قيمته في الآونة الأخيرة إضافة الى ملف الطاقة والاعتماد على الغاز إضافة الى ملف البيئة والتغيرات المناخية التي يشهدها العراق.
بيد ان ازمة تراجع قيمة الدينار العراقي تعد في صدارة هذه الملفات والدافع الأهم من هذه الزيارة، حيث طالب الوفد العراقي الجانب الأمريكي تأجيل العمل بالمنصة الالكترونية لبضعة أشهر، تلك المنصة التي فرضتها الولايات المتحدة على العراق والتي تمكنها من مراقبة الجهات الحاصلة على الدولار الأمريكي وسبب حصولها وطبيعة أنشطتها، حيث كان البنك المركزي العراقي في السابق يبيع الدولار عبر نافذة بيع مباشر للبنوك والشركات الاهلية بقيمة 1460 دينار للدولار الواحد وبمعدل 170 مليون دولار يوميا.
كما ان البنك الفيدرالي الأمريكي فرض إجراءات جديدة للحد من تهريب الدولار الى خارج العراق الى جهات تصنفها واشنطن بانها معادية للسياسة الامريكية، وعلى اثر ذلك تراجعت كمية المبيعات الى اقل من 12 مليون دولار يوميا، وهو اقل من حاجة السوق لتزويد التجار وشركات الاستيراد بالدولار مما أدى ذلك الى ارتفاع الطلب عليه وبدء عمليات مضاربة سببت تراجع في قيمة الدينار العراقي بشكل كبير، وكانت الغاية الأساسية لزيارة الوفد العراقي لواشنطن هو السعي لعودة الدينار العراقي الى قيمته السابقة ووقف الانهيار الحاصل في القيمة.
قدم الوفد العراقي مجموعة من الحلول بشأن منع تهريب العملة، وكذلك أوضح للجانب الأمريكي الإجراءات التي اتخذتها الحكومة العراقية وإجراءات البنك المركزي العراقي بشأن الحد من غسيل الأموال والعمل على تهريب العملة.
 على الرغم من ذلك صرحت الخزانة الامريكية، ان المنصة الالكترونية هي الوحيدة القادرة على منع تهريب العملة من العراق خاصة وهي تعلم جيدا بوجود شخصيات وجهات متنفذة تقف خلف عمليات تهريب الدولار الى إيران ولبنان وسوريا... الخ.
لم تكن مفاوضات الوفد العراقي في واشنطن سهلة ابدا، خاصة مع وجود ادلة خطيرة لدى الأمريكيين على تهريب العملة من العراق الى كثير من دول المنطقة والعالم مشيرا الى ان هذا التهريب مستمر منذ فترة ليست بالقصيرة على الرغم من التحذيرات الامريكية المتكررة ولخطورة هذا الامر.
صرح الجانب الأمريكي في ختام المفاوضات، على انه متفهم للوضع الاقتصادي والازمة المالية التي يمر بها العراق في الوقت الراهن.
والسؤال هنا هل يعني ذلك ان الولايات المتحدة الامريكية ستعمل على تأجيل العمل بالمنصة الالكترونية لبضعة أشهر استجابة لمطالب الحكومة العراقية؟
حسب اعتقادنا ان الحكومة الامريكية وعبر وزير خارجيتها لم تشر الى وجود اية تسهيلات بشأن عمل المنصة الالكترونية او وجود استثناءات مستقبلية في هذا الخصوص، مما يعني ذلك استمرار العمل بالمنصة الالكترونية التي تتيح لأمريكا مراقبة عملتها من والى العراق وبالتالي ليس امام الحكومة العراقية بخصوص هذا الملف الا السعي الجاد لوضع سلسلة من الإجراءات المالية والتشريعية والرقابية على تداول العملة (الدولار) لوقف تذبذب قيمته واثره على السوق العراقية.
كما نعتقد ان هذه الإجراءات التي لو اتخذت من الحكومة العراقية بشكل جدي، فإنها ستعد من اهم الخطوات اللازمة لإعادة بناء الثقة لدى الجانب الأمريكي، مما سيسهم ذلك في بناء علاقات سياسية اقتصادية رصينة مع الجانب الأمريكي في المستقبل القريب.
 


 
 

0/أرسل تعليق

أحدث أقدم