د. هيثم جبار طه
الخبير الدولي في جودة التعليم والاعتماد الأكاديمي
المقدمة:
يعد التعليم من ركائز نهضة الأمم، حيث إن الدول المتقدمة تهتم بإصلاح نظام التعليم وخططه وأهدافه ومناهجه, وتجعله على رأس الأولويات باعتباره الجسر التي تعبر به في أمان إلى المستقبل, ولعل من أصعب الأزمات التي تعاني منها الأمة اليوم, هي غياب العقل المنهجي، فإعادة تشكيل العقول الشابة إنما هي إعادة نهج لها من جديد, أي إقامتها على نظام واضح مستقيم، واستنهاج الفكر لدى الإنسان على العموم, يعني قدرته على التفكير الواضح والمنظم.
التعليم هو تسليح الطالب بما يلزمه من معرفة ومهارات تمكنه من تحقيق أهدافه الحياتية ومواكبة التطور العلمي العالمي، فإن لم يحقق التعليم له ذلك فهناك حاجة إلى تطويره. وتعتبر المدرسة المحطَّة والجسر للعبور إلى المستقبل، حيث فيها يتلقى الأجيال المعرفة التي تتيح لها الانخراط في عملية بناء المجتمع والوطن، وبقدر ما تكون مناهج التعليم في المدارس والجامعات سليمة وصحيحة، يكون مستقبل الأجيال ناجحاً، والعكس صحيح، حيث يأتي المنهج الدراسي في قمة المنظومة التربوية والتعليمية لأي نظام تربـوي، فهو لب التربية وإساسها، وذلـك لأن أي إصلاح تربوي لايتم بمعزل عن تطوير المنهج الدراسي بحكم أنه المحـور الأسـاسي للعمليـة التعليمية والتجسيد الواقعي لها.
مفهوم التعليم من مبدأ التلقين إلى مهارة التفكير جعل الطلبة، خصوصاً في المراحل الابتدائية، يُشاركون معلماتهن في المعلومة، لكن نجد أن الكتاب لا يزال مصدراً مهماً للمعلومات في المراحل الأساسية الابتدائية، ولا بد من الاستمرار على النهج القديم، لأن الطفل يُفضل أن يتلقى من المعلمة، فالأطفال في الصف الأول الابتدائي لا يملكون القدرة على البحث عن المعلومة.
ما زلنا نرى أن الطلبة يحملون كُتباً تزن نصف أوازنهم تقريباً، وهذا رمز من رموز الطريقة التقليدية السابقة للتعليم وله مساوئه الكثيرة، وكذلك لا بد من الإشارة إلى أن عدد الاختراعات في العالم يزداد لدى الدول التي تعتمد التعليم الحُر، والتعليم الابتكاري، ويقل في الدول التقليدية كالبلدان العربية.
لا يعني أن بعض الدول تتفوق علينا بمستوى الذكاء، إنما يكمن السبب في المناهج التعليمية، فإن كنت تعتمد منهجاً تعليمياً تقليدياً قائماً على الحفظ والتلقين، فلن تحصد إلا طلاباً يتفوقون في الحفظ والتلقين. أما إذا كنت توفر منهجاً تعليمياً قائماً على الفن والابتكار ومهارات الاتصال، والتواصل والبحث عن المعلومة، والشخصية المُشاركة، فستُنشئ جيلاً يباري أرقى الدول في الابتكار والاختراع
إذا تتبعنا بعض الدول الأسيوية التي شهدت نهضة حديثة، مثل كوريا الجنوبية وماليزيا وسنغافورة، سنجد أن السمة المشتركة في تلك الدول جميعها هو اهتمامها بالتعليم وتعديل مناهجها الدراسية بشكل جعلها تواكب الحداثة والنهضة العلمية العالمية. ونفس الشيء إذا أجرينا مقارنة بين المدارس الحكومية والخاصة داخل نفس الدولة، سنجد أن الاختلافات بينهما تتمحور حول ثلاثة عناصر رئيسية هي المنهج الدراسي وأسلوب تدريسه إضافة إلى كفاءة القائمين على المؤسسة التعليمية.
ماذا نعني بالمنهج الدراسي
يعرف المنهج من خلال الأهداف التي عادة ما يتم التعبير عنها أنها نتائج التعلم وعادة ما يشمل البرنامج تقييم الإستراتيجية لهذه النتائج والتقييمات التي صنفت على أنها وحدة (أووحدات)، وبالتالي إن المناهج تضم مجموعة من هذه الوحدات، كان في المقابل كل وحدة تضم المواضيع المتخصصة في مجال محدد من العلم الذي يتم دراسته، وجزء محدد من المنهج الدراسي, حيث تعرف المناهج بأنها عبارة عن سلسلة من الخبرات المخططة داخل المدرسة وخارجها وتبنى على اسس نفسية، معرفية، اجتماعية، سياسية، وتهدف إلى تنمية المتعلم من الناحية الوجدانية، والمعرفية، والمهارية.
المنهج من وجهة نظر العلم ليس المقرر الدراسي أو الكتاب، بل هو يشمل المقرر والأنشطة والكتاب والأخلاق والعلم والعلوم التربوية والفلسفة والقيم والمهارات ونوع الامتحانات، كما يتضمن العملية التعليمية بشكل كامل، ففي التعليم، تكون المناهج الدراسية الأساسية هي المناهج الدراسية الإلزامية، التي تعتبر مركزية وعادة ما تكون إلزامية لجميع الطلاب من المدرسة، أو في النظام المدرسي.
المناهج الحديثة تعتمد على مبادئ واتجاهات تربوية، أصبحت غالبية الدول تأخذ بها. وهذه المناهج توفر للطالب فرصة للتعلم الذاتي، ولتطبيق المعرفة، وتعمل على تكامل خبراتها، وتركز على إكساب الطالب مهارات تعد ضرورية للفرد، كي يتفاعل بصورة إيجابية مع الآخرين، ويتواصل معهم. وتطوير المناهج التعليمية يجب ان يكون مناسب جداً نظراً للمتغيرات التي يشهدها العالم أجمع، خصوصاً في ظل دخول التقنية الحديثة والإنترنت الى هذا المجال.
مناهج التعليم الجديدة تُركز على مهارات فكرية كالبحث عن معلومة، أو استيعاب الأفكار الجديدة، أو الابتكار، وهذا ضروري جداً إذا كان هدفنا جيلاً مُبتكراً وغير تقليدي، وتعد المناهج أهم مكونات النظام التربوي باعتبارها الوسيلة التي تحقق أهداف المجتمع داخل وخارج المؤسسات التربوية، وهي إطار مرجعي يتضمن محتوى المعرفة الاجتماعية والظواهر الطبيعية والبشرية والمهارات والاتجاهات والقيم ومهارات العمل والبحث والاستقصاء والتحليل بما في ذلك قدرتها على حل المشكلات المعاصرة كالبطالة وغيرها.
تلعب المناهج دوراً مهماً في العملية التربوية إذ تعد المنهل الخصب الذي يزود الطلاب بالمعلومات والمعارف، ويغرس في أنفسهم الاتجاهات والقيم الإيجابية، وعليه يجب أن تبنى بحيث تعكس الفلسفة التي يؤمن بها المجتمع. ولا نقف عند ذلك، بل لابد من إجراء عمليات التعديل والتطوير عليها بغية تلبية الحاجات الفردية والاجتماعية والاقتصادية والعلمية والتكنولوجية في زمن متسارع ومتغير.
تعد عملية تطوير المناهج في أي دولة ضرورة يحتمها البحث عن الأساليب والطرق الأفضل لإعداد المواطن الصالح الذي يتمتع بأنماط فكرية وسلوكية تؤهله لكي يكون فاعلاً في حياته الخاصة والعامة وقادراً على خدمة وطنه وأمته ويحقق ما يصبو إليه الوطن من تقدم علمي ورقيّ حضاري، حيث أن عملية تطوير المناهج ليست عملية عشوائية أو ارتجالية، بل تحتاج إلى دراسة وتخطيط ومتابعة. وتتضح أهمية المناهج الدراسية في حياة الأمم والشعوب، مع التغييرات التي تطرأ على تلك المناهج مع تغير الأنظمة السياسية بها، فتحرص دائما النظم الجديدة على تغيير المناهج الدراسية بما يتناسب مع توجهها الجديد. وعندما تتخلَّف مناهج التعليم عن مواكبة التحولات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تعصف بعالمنا، وبإيقاع متسارع، فإن مشكلة كبرى تواجهها المؤسسات التعليمية الرسمية والخاصة، وتدعوها للنظر الجدّي والسريع في موضوع المناهج، وهذا ما يحدث، وبدرجات متفاوتة، في مختلف أقطار العالم العربي.
كيف يتم أختيار المنهج الدراسي
• أن يسترشد بوجهات نظر تربوية حديثة تتماشى مع طبيعة العصر الذي يوجد فيه.
• أن يخدم الصف الذي يؤلف له.
• أن يزود الطلاب بالمعلومات والمفاهيم الأساسية والاتجاهات والقيم والعادات والمهارات المتصلة بطبيعة المادة اللازمة لهم في حياتهم.
• أن تكون المعلومات المتضمنة به وثيقة الصلة بالحياة مفسرة لبعض ظواهرها.
• أن يربط قدر المستطاع مادته بالمواد الدراسية الأخرى تحقيقا لأهمية تكامل المعرفة.
• أن يعبر عن نفسه بأكثر من أسلوب بأن يحتوي على الرسومات والأشكال البيانية والخرائط والصور والجداول بشرط أن يسهل قراءة تلك الأساليب المختلفة.
• أن يأتي في تنظيمه وعرضه وفق أحدث نظريات التعلم كإيجاد الدافع ووضوح الهدف.
• أن يراعي في محتواه ظروف الزمان وإمكانات المكان الذي فيه.
• أن يراعي في عرضه وأسئلته ومطالبة الفروق الفردية بين الطلاب.
• يجب أن يلائم الكتاب المدرسي مستوى نضج الطلاب الذين وضعت لهم ويتصل هذا الأمر مباشرة بأعمارهم وخبراتهم الدراسية واللغوية وبيئتهم الاجتماعية.
• أن يتناول أحدث التطورات في مجال المنهج المدرسي وأن يشتمل على المعلومات والحقائق الأساسية التي ينبغي للطالب الإلمام بها على مستوى الصف الذي يوجدون فيه.
• أن يتم توضيح الهدف والقصد من وراء تعلم مختلف أجزاء مادة الكتاب.
• أن تحتوي على أسئلة متنوعة من حيث الصياغة والمضمون وأن تكون كافية لمساعدة الطالب على فهم المنهج الدراسي وأن تتدرج من حيث الصعوبة والمتطلبات بما يلائم تفاوت قدرات الطلاب ومستوياتهم.
المناهج الدراسية في أغلب الدول العربية
لا يخفى على المختصين مدى الانحدار والبؤس الذي وصل له حال التعليم في بعض الدول العربية ولا فرق في هذا بين مشرق ومغرب فتجد أغلب الدول العربية على مختلف ثقافاتها وتعدادها السكاني وأوضاعها الاقتصادية قابعة خلف سائر الأمم في ركب الحضارة. وحال التعليم العربي يحتاج للتغيير بصورة فورية حيث الجميع ينادي بتطوير منظومة التعليم ككل وكنا وما زلنا ننادي بتطوير التعليم العربي. حيث تظل المناهج الدراسية جوهر العملية التربوية كونها الطريق للمعلم في تدريسه والطالب في دراسته لتحقيق الأهداف التعليمية التعلمية. يصعب الحكم على المناهج التعليمية في الدول العربية قاطبة دفعة واحدة، لإنها متفاوتة في مستواها ومتفاوتة في التعديلات التي أجريت عليها كنصوص، ومتفاوتة أيضا في تطبيق هذه التعديلات. والمناهج المعتمدة لا تنمي لدى المتعلمين أساليب التفكير النقدي والتعلم الذاتي وجمع المعلومات وتحليلها وممارسة التفكير المستقل.
الكتب المدرسية تقدم المعرفة جاهزة، والأسئلة التي تطرحها تقوم على استرجاع مقاطع ومعلومات منها، والتقويم يأخذ شكل الأسئلة المطروحة في الكتب. والمناهج المعتمدة تدفع بالطلاب نحو الدروس النظرية، ولا تعطي فرصا كافية، في المرحلتين الإعدادية والثانوية، للاختيار بين دروس عملية (فنية، تقنية، تطبيقية) ودروس نظرية (أساسية أو متقدمة)، مع انفصال شبه تام بين سكة التعليم العام وسكة التعليم المهني والتقني. حيث إدخال مادة الحاسب الآلي في المرحلة الابتدائية، فهو مرتبط بالقدرة على توظيف المعلمين والمعلمات، فعلم الحاسب الآلي أو تطبيقه موجود في المواد الدراسية، وفي المرحلة المتوسطة والثانوية تنتقل المواد إلى علم مستقل.
مناهج اللغة الإنكليزية في المرحلة الابتدائية حديثة، والبدء في تدريس اللغة الإنكليزية في الصفوف المبكرة، مرتبط بتوفر وظائف للمعلمين والمعلمات والقدرة على توظيفهم. وتكتسب المناهج الدراسية أهمية فائقة في تحديد شكل مستقبل الشعوب، فهي تلعب دوراً أساسياً في صقل شخصية المواطن وطريقة تفكيره.
المدرسة معنيّة بصياغة مواطن المستقبل في أبعاده المختلفة الوجدانية والحضارية والسلوكية، وبتحديد ملامح مجتمع الغد في جوانبها السياسية والثقافية والحضارية والاقتصادية.
الملاحظ أن مناهج التعليم في منطقتنا العربية تتميز بعدة مميزات وخصائص تجعلها مختلفة جذريا عن باقي مناهج التعليم في دول العالم الآخر ولعل من أهم هذه المميزات هو ما يلي:
1- تعتمد 90% من مناهج التدريس في عالمنا العربي على الجانب النظري البحت الخالي من أي تطبيقات عملية.
2- الكثافة والحشو الغيرعاديين في المواد الدراسية، ففي بعض المواد مثلا تنقسم المادة إلى عدد كبير جدا من التفريعات والتشعبات وهذا بحد ذاته يشكل عبئاً إضافياً كبيراً على الطالب أثناء التحصيل والمذاكرة.
3- اعتماد تلك المناهج على الكتاب المدرسي بصورة أساسية وعدم وجود وسائل أخرى حديثة للتعليم مثل القاعات الصوتية الخاصة بتعليم اللغات أو مختبرات الحاسب الآلي والعلوم التطبيقية أو الصالات المخصصة لممارسة الأنشطة الرياضية، وإن وجدت فهي إما معامل قديمة خالية من المواد والأجهزة أو معامل لا تلبي الحد الأدنى من الغرض الذي وضعت لأجله.
المناهج والكتب الدراسية لاغلب الدول العربية اصبحت بحاجة ماسة الى التحديث والتطوير. وتحديث المناهج والتركيز على الجانب العملي والتطبيقي فيها اصبحت ضرورة حياتية في عصر تفجر المعرفة والتطور العلمي والتكنولوجي المتسارع، وفي وقت أصبح فيه استخدام التقنيات الحديثة ضرورة لتحقيق الاهداف التربوية الطموحة واصبح فيه وضوح الاهداف والمنطلق الصحيح للتخطيط الاستراتيجية اي عمل تربوي، ومن البديهيات المسلم بها في عالم التربية.
التعليم لاينشأ اويعمل في فراغ وانما ينشأ ويعمل بوسط اجتماعي يتأثر ويؤثر فيه وبالتالي فان جميع التغيرات التي تطرأ على الوسط الاجتماعي لابد ان ينعكس اثارها على التعليم ومقوماته المختلفة.
من اهم الاسباب التي ادت الى تجدد الرؤية حيال المناهج تجديدا وتحديثا هو سعي المهتمين بالمناهج بوجه خاص والمسؤولين عن التعليم بوجه عام الى خلق حالة من التوافق والانسجام بين المجتمع والمناهج والمدارس التعليمية
وسائل التعليم الحديثة في تطوير المنهج الدراسي
وسائل التعليم الحديثة تواكب شخصية التلميذ وتعمل على تدريسه المواد بعيداً عن الوسائل القديمة التي كانت معتمدة، والتركيز على ترسيخ القيم واحترام النظام وتعليم التلميذ التعاون والمحبة والتعايش والتسامح وقبول الآخر. والتغيرات المستجدة على صعيدي التكنولوجيا والعلوم تفرض على القيمين على المناهج مواكبة هذا التقدم بما يتلاءم مع متطلبات العصر وجديده، فدخول عصر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي الجديدة وكل التطورات المتلاحقة على الصعيد التكنولوجي يجب ترجمتها في مناهج جديدة وفي ملامح المتعلم.
أهمية وضرورة تطوير المناهج الدراسية في الوطن العربي وفق مدخل STEM التكاملي في ظل متطلبات وتطورات القرن الحادي والعشرين. وتعتبر أسس ومبادئ ومعايير مدخل STEM كأحد التوجهات المعاصرة لبناء المناهج، وتطويرها، وتدريسها، وتقويمها في القرن الحادي والعشرين.
منهج دراسة الحالة لجمع البيانات وتحليلها، من خلال رؤية الباحث وتحليله لواقع ومتطلبات تطوير مناهج الرياضيات والعلوم في الوقت الراهن، وكذلك رؤيته لتوظيف مدخل STEM في بناء وتطوير مناهج دراسية في الرياضيات والعلوم بشكل مشوق إنساني اجتماعي أخلاقي، بما يلبي طموح المجتمعات العربية في إعداد أفرادها إعداداً علمياً أكاديمياً متميزاً تساير به الأمم المتقدمة، واجتماعياً وظيفياً تحافظ به على هويتها الثقافية.
لماذا التوجه نحو المناهج العالمية خارج البلدان العربية
- ببساطة لأننا لا نملك في أغلب دول العالم العربي مناهج تستطيع أن تؤهل متعلمين حقيقين كما هو الحال مع المناهج العالمية.
- أغلب المناهج العربية مناهج جامدة صلبة، مناهج صممت ليمتحن الطلاب بها فقط فيخزنوا المعلومات ليفرغوها في أوراق الامتحانات نهاية العام.
- رغم كل الجهود التي تبذل لتطوير المناهج في المنطقة العربية الا أنها للأسف تتطور نحو الأسواء فعندما نقارن الكتاب المدرسي اليوم بما كان لدينا قبل 20 عاما أجد أننا كنا في ألف نعمة.
- يحتاج خريج المناهج العربية الى أن يبذل جهدا ذاتيا مضاعفا ليستطيع التميز خصوصا في عصر أصبحت فيه المنافسة شديدة والحاجة لإكتساب المعرفة مهمة.
الخبير الدولي في جودة التعليم والاعتماد الأكاديمي
المقدمة:
يعد التعليم من ركائز نهضة الأمم، حيث إن الدول المتقدمة تهتم بإصلاح نظام التعليم وخططه وأهدافه ومناهجه, وتجعله على رأس الأولويات باعتباره الجسر التي تعبر به في أمان إلى المستقبل, ولعل من أصعب الأزمات التي تعاني منها الأمة اليوم, هي غياب العقل المنهجي، فإعادة تشكيل العقول الشابة إنما هي إعادة نهج لها من جديد, أي إقامتها على نظام واضح مستقيم، واستنهاج الفكر لدى الإنسان على العموم, يعني قدرته على التفكير الواضح والمنظم.
التعليم هو تسليح الطالب بما يلزمه من معرفة ومهارات تمكنه من تحقيق أهدافه الحياتية ومواكبة التطور العلمي العالمي، فإن لم يحقق التعليم له ذلك فهناك حاجة إلى تطويره. وتعتبر المدرسة المحطَّة والجسر للعبور إلى المستقبل، حيث فيها يتلقى الأجيال المعرفة التي تتيح لها الانخراط في عملية بناء المجتمع والوطن، وبقدر ما تكون مناهج التعليم في المدارس والجامعات سليمة وصحيحة، يكون مستقبل الأجيال ناجحاً، والعكس صحيح، حيث يأتي المنهج الدراسي في قمة المنظومة التربوية والتعليمية لأي نظام تربـوي، فهو لب التربية وإساسها، وذلـك لأن أي إصلاح تربوي لايتم بمعزل عن تطوير المنهج الدراسي بحكم أنه المحـور الأسـاسي للعمليـة التعليمية والتجسيد الواقعي لها.
مفهوم التعليم من مبدأ التلقين إلى مهارة التفكير جعل الطلبة، خصوصاً في المراحل الابتدائية، يُشاركون معلماتهن في المعلومة، لكن نجد أن الكتاب لا يزال مصدراً مهماً للمعلومات في المراحل الأساسية الابتدائية، ولا بد من الاستمرار على النهج القديم، لأن الطفل يُفضل أن يتلقى من المعلمة، فالأطفال في الصف الأول الابتدائي لا يملكون القدرة على البحث عن المعلومة.
ما زلنا نرى أن الطلبة يحملون كُتباً تزن نصف أوازنهم تقريباً، وهذا رمز من رموز الطريقة التقليدية السابقة للتعليم وله مساوئه الكثيرة، وكذلك لا بد من الإشارة إلى أن عدد الاختراعات في العالم يزداد لدى الدول التي تعتمد التعليم الحُر، والتعليم الابتكاري، ويقل في الدول التقليدية كالبلدان العربية.
لا يعني أن بعض الدول تتفوق علينا بمستوى الذكاء، إنما يكمن السبب في المناهج التعليمية، فإن كنت تعتمد منهجاً تعليمياً تقليدياً قائماً على الحفظ والتلقين، فلن تحصد إلا طلاباً يتفوقون في الحفظ والتلقين. أما إذا كنت توفر منهجاً تعليمياً قائماً على الفن والابتكار ومهارات الاتصال، والتواصل والبحث عن المعلومة، والشخصية المُشاركة، فستُنشئ جيلاً يباري أرقى الدول في الابتكار والاختراع
إذا تتبعنا بعض الدول الأسيوية التي شهدت نهضة حديثة، مثل كوريا الجنوبية وماليزيا وسنغافورة، سنجد أن السمة المشتركة في تلك الدول جميعها هو اهتمامها بالتعليم وتعديل مناهجها الدراسية بشكل جعلها تواكب الحداثة والنهضة العلمية العالمية. ونفس الشيء إذا أجرينا مقارنة بين المدارس الحكومية والخاصة داخل نفس الدولة، سنجد أن الاختلافات بينهما تتمحور حول ثلاثة عناصر رئيسية هي المنهج الدراسي وأسلوب تدريسه إضافة إلى كفاءة القائمين على المؤسسة التعليمية.
ماذا نعني بالمنهج الدراسي
يعرف المنهج من خلال الأهداف التي عادة ما يتم التعبير عنها أنها نتائج التعلم وعادة ما يشمل البرنامج تقييم الإستراتيجية لهذه النتائج والتقييمات التي صنفت على أنها وحدة (أووحدات)، وبالتالي إن المناهج تضم مجموعة من هذه الوحدات، كان في المقابل كل وحدة تضم المواضيع المتخصصة في مجال محدد من العلم الذي يتم دراسته، وجزء محدد من المنهج الدراسي, حيث تعرف المناهج بأنها عبارة عن سلسلة من الخبرات المخططة داخل المدرسة وخارجها وتبنى على اسس نفسية، معرفية، اجتماعية، سياسية، وتهدف إلى تنمية المتعلم من الناحية الوجدانية، والمعرفية، والمهارية.
المنهج من وجهة نظر العلم ليس المقرر الدراسي أو الكتاب، بل هو يشمل المقرر والأنشطة والكتاب والأخلاق والعلم والعلوم التربوية والفلسفة والقيم والمهارات ونوع الامتحانات، كما يتضمن العملية التعليمية بشكل كامل، ففي التعليم، تكون المناهج الدراسية الأساسية هي المناهج الدراسية الإلزامية، التي تعتبر مركزية وعادة ما تكون إلزامية لجميع الطلاب من المدرسة، أو في النظام المدرسي.
المناهج الحديثة تعتمد على مبادئ واتجاهات تربوية، أصبحت غالبية الدول تأخذ بها. وهذه المناهج توفر للطالب فرصة للتعلم الذاتي، ولتطبيق المعرفة، وتعمل على تكامل خبراتها، وتركز على إكساب الطالب مهارات تعد ضرورية للفرد، كي يتفاعل بصورة إيجابية مع الآخرين، ويتواصل معهم. وتطوير المناهج التعليمية يجب ان يكون مناسب جداً نظراً للمتغيرات التي يشهدها العالم أجمع، خصوصاً في ظل دخول التقنية الحديثة والإنترنت الى هذا المجال.
مناهج التعليم الجديدة تُركز على مهارات فكرية كالبحث عن معلومة، أو استيعاب الأفكار الجديدة، أو الابتكار، وهذا ضروري جداً إذا كان هدفنا جيلاً مُبتكراً وغير تقليدي، وتعد المناهج أهم مكونات النظام التربوي باعتبارها الوسيلة التي تحقق أهداف المجتمع داخل وخارج المؤسسات التربوية، وهي إطار مرجعي يتضمن محتوى المعرفة الاجتماعية والظواهر الطبيعية والبشرية والمهارات والاتجاهات والقيم ومهارات العمل والبحث والاستقصاء والتحليل بما في ذلك قدرتها على حل المشكلات المعاصرة كالبطالة وغيرها.
تلعب المناهج دوراً مهماً في العملية التربوية إذ تعد المنهل الخصب الذي يزود الطلاب بالمعلومات والمعارف، ويغرس في أنفسهم الاتجاهات والقيم الإيجابية، وعليه يجب أن تبنى بحيث تعكس الفلسفة التي يؤمن بها المجتمع. ولا نقف عند ذلك، بل لابد من إجراء عمليات التعديل والتطوير عليها بغية تلبية الحاجات الفردية والاجتماعية والاقتصادية والعلمية والتكنولوجية في زمن متسارع ومتغير.
تعد عملية تطوير المناهج في أي دولة ضرورة يحتمها البحث عن الأساليب والطرق الأفضل لإعداد المواطن الصالح الذي يتمتع بأنماط فكرية وسلوكية تؤهله لكي يكون فاعلاً في حياته الخاصة والعامة وقادراً على خدمة وطنه وأمته ويحقق ما يصبو إليه الوطن من تقدم علمي ورقيّ حضاري، حيث أن عملية تطوير المناهج ليست عملية عشوائية أو ارتجالية، بل تحتاج إلى دراسة وتخطيط ومتابعة. وتتضح أهمية المناهج الدراسية في حياة الأمم والشعوب، مع التغييرات التي تطرأ على تلك المناهج مع تغير الأنظمة السياسية بها، فتحرص دائما النظم الجديدة على تغيير المناهج الدراسية بما يتناسب مع توجهها الجديد. وعندما تتخلَّف مناهج التعليم عن مواكبة التحولات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تعصف بعالمنا، وبإيقاع متسارع، فإن مشكلة كبرى تواجهها المؤسسات التعليمية الرسمية والخاصة، وتدعوها للنظر الجدّي والسريع في موضوع المناهج، وهذا ما يحدث، وبدرجات متفاوتة، في مختلف أقطار العالم العربي.
كيف يتم أختيار المنهج الدراسي
• أن يسترشد بوجهات نظر تربوية حديثة تتماشى مع طبيعة العصر الذي يوجد فيه.
• أن يخدم الصف الذي يؤلف له.
• أن يزود الطلاب بالمعلومات والمفاهيم الأساسية والاتجاهات والقيم والعادات والمهارات المتصلة بطبيعة المادة اللازمة لهم في حياتهم.
• أن تكون المعلومات المتضمنة به وثيقة الصلة بالحياة مفسرة لبعض ظواهرها.
• أن يربط قدر المستطاع مادته بالمواد الدراسية الأخرى تحقيقا لأهمية تكامل المعرفة.
• أن يعبر عن نفسه بأكثر من أسلوب بأن يحتوي على الرسومات والأشكال البيانية والخرائط والصور والجداول بشرط أن يسهل قراءة تلك الأساليب المختلفة.
• أن يأتي في تنظيمه وعرضه وفق أحدث نظريات التعلم كإيجاد الدافع ووضوح الهدف.
• أن يراعي في محتواه ظروف الزمان وإمكانات المكان الذي فيه.
• أن يراعي في عرضه وأسئلته ومطالبة الفروق الفردية بين الطلاب.
• يجب أن يلائم الكتاب المدرسي مستوى نضج الطلاب الذين وضعت لهم ويتصل هذا الأمر مباشرة بأعمارهم وخبراتهم الدراسية واللغوية وبيئتهم الاجتماعية.
• أن يتناول أحدث التطورات في مجال المنهج المدرسي وأن يشتمل على المعلومات والحقائق الأساسية التي ينبغي للطالب الإلمام بها على مستوى الصف الذي يوجدون فيه.
• أن يتم توضيح الهدف والقصد من وراء تعلم مختلف أجزاء مادة الكتاب.
• أن تحتوي على أسئلة متنوعة من حيث الصياغة والمضمون وأن تكون كافية لمساعدة الطالب على فهم المنهج الدراسي وأن تتدرج من حيث الصعوبة والمتطلبات بما يلائم تفاوت قدرات الطلاب ومستوياتهم.
المناهج الدراسية في أغلب الدول العربية
لا يخفى على المختصين مدى الانحدار والبؤس الذي وصل له حال التعليم في بعض الدول العربية ولا فرق في هذا بين مشرق ومغرب فتجد أغلب الدول العربية على مختلف ثقافاتها وتعدادها السكاني وأوضاعها الاقتصادية قابعة خلف سائر الأمم في ركب الحضارة. وحال التعليم العربي يحتاج للتغيير بصورة فورية حيث الجميع ينادي بتطوير منظومة التعليم ككل وكنا وما زلنا ننادي بتطوير التعليم العربي. حيث تظل المناهج الدراسية جوهر العملية التربوية كونها الطريق للمعلم في تدريسه والطالب في دراسته لتحقيق الأهداف التعليمية التعلمية. يصعب الحكم على المناهج التعليمية في الدول العربية قاطبة دفعة واحدة، لإنها متفاوتة في مستواها ومتفاوتة في التعديلات التي أجريت عليها كنصوص، ومتفاوتة أيضا في تطبيق هذه التعديلات. والمناهج المعتمدة لا تنمي لدى المتعلمين أساليب التفكير النقدي والتعلم الذاتي وجمع المعلومات وتحليلها وممارسة التفكير المستقل.
الكتب المدرسية تقدم المعرفة جاهزة، والأسئلة التي تطرحها تقوم على استرجاع مقاطع ومعلومات منها، والتقويم يأخذ شكل الأسئلة المطروحة في الكتب. والمناهج المعتمدة تدفع بالطلاب نحو الدروس النظرية، ولا تعطي فرصا كافية، في المرحلتين الإعدادية والثانوية، للاختيار بين دروس عملية (فنية، تقنية، تطبيقية) ودروس نظرية (أساسية أو متقدمة)، مع انفصال شبه تام بين سكة التعليم العام وسكة التعليم المهني والتقني. حيث إدخال مادة الحاسب الآلي في المرحلة الابتدائية، فهو مرتبط بالقدرة على توظيف المعلمين والمعلمات، فعلم الحاسب الآلي أو تطبيقه موجود في المواد الدراسية، وفي المرحلة المتوسطة والثانوية تنتقل المواد إلى علم مستقل.
مناهج اللغة الإنكليزية في المرحلة الابتدائية حديثة، والبدء في تدريس اللغة الإنكليزية في الصفوف المبكرة، مرتبط بتوفر وظائف للمعلمين والمعلمات والقدرة على توظيفهم. وتكتسب المناهج الدراسية أهمية فائقة في تحديد شكل مستقبل الشعوب، فهي تلعب دوراً أساسياً في صقل شخصية المواطن وطريقة تفكيره.
المدرسة معنيّة بصياغة مواطن المستقبل في أبعاده المختلفة الوجدانية والحضارية والسلوكية، وبتحديد ملامح مجتمع الغد في جوانبها السياسية والثقافية والحضارية والاقتصادية.
الملاحظ أن مناهج التعليم في منطقتنا العربية تتميز بعدة مميزات وخصائص تجعلها مختلفة جذريا عن باقي مناهج التعليم في دول العالم الآخر ولعل من أهم هذه المميزات هو ما يلي:
1- تعتمد 90% من مناهج التدريس في عالمنا العربي على الجانب النظري البحت الخالي من أي تطبيقات عملية.
2- الكثافة والحشو الغيرعاديين في المواد الدراسية، ففي بعض المواد مثلا تنقسم المادة إلى عدد كبير جدا من التفريعات والتشعبات وهذا بحد ذاته يشكل عبئاً إضافياً كبيراً على الطالب أثناء التحصيل والمذاكرة.
3- اعتماد تلك المناهج على الكتاب المدرسي بصورة أساسية وعدم وجود وسائل أخرى حديثة للتعليم مثل القاعات الصوتية الخاصة بتعليم اللغات أو مختبرات الحاسب الآلي والعلوم التطبيقية أو الصالات المخصصة لممارسة الأنشطة الرياضية، وإن وجدت فهي إما معامل قديمة خالية من المواد والأجهزة أو معامل لا تلبي الحد الأدنى من الغرض الذي وضعت لأجله.
المناهج والكتب الدراسية لاغلب الدول العربية اصبحت بحاجة ماسة الى التحديث والتطوير. وتحديث المناهج والتركيز على الجانب العملي والتطبيقي فيها اصبحت ضرورة حياتية في عصر تفجر المعرفة والتطور العلمي والتكنولوجي المتسارع، وفي وقت أصبح فيه استخدام التقنيات الحديثة ضرورة لتحقيق الاهداف التربوية الطموحة واصبح فيه وضوح الاهداف والمنطلق الصحيح للتخطيط الاستراتيجية اي عمل تربوي، ومن البديهيات المسلم بها في عالم التربية.
التعليم لاينشأ اويعمل في فراغ وانما ينشأ ويعمل بوسط اجتماعي يتأثر ويؤثر فيه وبالتالي فان جميع التغيرات التي تطرأ على الوسط الاجتماعي لابد ان ينعكس اثارها على التعليم ومقوماته المختلفة.
من اهم الاسباب التي ادت الى تجدد الرؤية حيال المناهج تجديدا وتحديثا هو سعي المهتمين بالمناهج بوجه خاص والمسؤولين عن التعليم بوجه عام الى خلق حالة من التوافق والانسجام بين المجتمع والمناهج والمدارس التعليمية
وسائل التعليم الحديثة في تطوير المنهج الدراسي
وسائل التعليم الحديثة تواكب شخصية التلميذ وتعمل على تدريسه المواد بعيداً عن الوسائل القديمة التي كانت معتمدة، والتركيز على ترسيخ القيم واحترام النظام وتعليم التلميذ التعاون والمحبة والتعايش والتسامح وقبول الآخر. والتغيرات المستجدة على صعيدي التكنولوجيا والعلوم تفرض على القيمين على المناهج مواكبة هذا التقدم بما يتلاءم مع متطلبات العصر وجديده، فدخول عصر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي الجديدة وكل التطورات المتلاحقة على الصعيد التكنولوجي يجب ترجمتها في مناهج جديدة وفي ملامح المتعلم.
أهمية وضرورة تطوير المناهج الدراسية في الوطن العربي وفق مدخل STEM التكاملي في ظل متطلبات وتطورات القرن الحادي والعشرين. وتعتبر أسس ومبادئ ومعايير مدخل STEM كأحد التوجهات المعاصرة لبناء المناهج، وتطويرها، وتدريسها، وتقويمها في القرن الحادي والعشرين.
منهج دراسة الحالة لجمع البيانات وتحليلها، من خلال رؤية الباحث وتحليله لواقع ومتطلبات تطوير مناهج الرياضيات والعلوم في الوقت الراهن، وكذلك رؤيته لتوظيف مدخل STEM في بناء وتطوير مناهج دراسية في الرياضيات والعلوم بشكل مشوق إنساني اجتماعي أخلاقي، بما يلبي طموح المجتمعات العربية في إعداد أفرادها إعداداً علمياً أكاديمياً متميزاً تساير به الأمم المتقدمة، واجتماعياً وظيفياً تحافظ به على هويتها الثقافية.
لماذا التوجه نحو المناهج العالمية خارج البلدان العربية
- ببساطة لأننا لا نملك في أغلب دول العالم العربي مناهج تستطيع أن تؤهل متعلمين حقيقين كما هو الحال مع المناهج العالمية.
- أغلب المناهج العربية مناهج جامدة صلبة، مناهج صممت ليمتحن الطلاب بها فقط فيخزنوا المعلومات ليفرغوها في أوراق الامتحانات نهاية العام.
- رغم كل الجهود التي تبذل لتطوير المناهج في المنطقة العربية الا أنها للأسف تتطور نحو الأسواء فعندما نقارن الكتاب المدرسي اليوم بما كان لدينا قبل 20 عاما أجد أننا كنا في ألف نعمة.
- يحتاج خريج المناهج العربية الى أن يبذل جهدا ذاتيا مضاعفا ليستطيع التميز خصوصا في عصر أصبحت فيه المنافسة شديدة والحاجة لإكتساب المعرفة مهمة.
إرسال تعليق