ارهاب منزلي

مشاهدات

 




شيماء عقيل
    
(إذا رضت العمة على الچنه ابليس يدخل الجنة)، هذا المثل القديم من اسوء وأقبح الأمثلة الشعبية المتوارثة التي يحاول تلخيص استحالة نشوء علاقة إنسانية طبيعية بين شخصين يفترض ان يكون بينهم علاقة مودة او على الأقل علاقة احترام وتقبل.
فتجد أمثلة كثيرة لمدى سوء التعامل بين الطرفين الى الحد الذي يوصل الى الانفصال وضياع مستقبل ضحايا صغار كل ذنبهم في الحياة انهم ولدو في بيئة غير صحية نفسياً واجتماعياً.
ان دخول الطرفين (العمة والچنة) في سباق تنافسي على لقب الصدارة لا بد ان تكون نتائجه تبعات وعواقب وخيمة.
أن اهم أسباب الغيرة من زوجة الابن تعود إلى
شعور الأم بامتلاك الابن، ففي بعض الحالات تعتبر الأم ابنها ملكية خاصة لها هي فقط مبررة ذلك بأنها هي من أنجبت ومن ربت إلى أن صار رجلا، ومن هنا تأتي غيرة الأم التي تنشأ بمجرد بدء الابن بالتفكير في الزواج لأن ذلك يعني دخول أنثى أخرى إلى حياته وهو ما لا تتقبله بعض الأمهات بسهولة، وهنا يبدأ الصراع الأبدي.  
فتضر الغيرة من خلال تصرفاتها وطريقة كلامها معها، كتوجيه النقد اللاذع للزوجة بإستمرار، وتصيد الأخطاء لها، ولومها بصفة دائمة، ومحاولاتها الدائمة في السيطرة على الابن والإنفراد به دائما وعزله عن زوجته لتشعر زوجته بأنها هي الأقوى والأبقى لابنها.
كما تحاول التقليل من شأن زوجة الابن وأهلها.
وتقمص الأم لدور الضحية وإفتعال المشاكل بين الابن وزوجته.
سأسرد لكم قصة احدى الموظفات معي في العمل والتي اعتادت ان تجلس ساعات طوال مع الأخريات   الذين يتقاسمن معها العامل المشترك وهو كونها (عمة) وكل منهن تشكو مما يبدر عن زوجة ابنها من تصرفات وأفعال وأنها لا تحترم اخوات الزوج ولا تسهر على خدمتهم ولا تنظف البيت باستمرار ولا تبتسم بوجه الضيوف وتحب الذهاب لبيت أهلها دوماً كما انها تطلب من زوجها الخروج لأكثر من مره في الأسبوع وهو يكد ويتعب بعمله لجني المال وهي تصرفه دون تفكير وسؤال.
وتجر الحسرات تلو الحسرات عن حظها التعيس وعن آلاف البنات اللاتي كن يتمنين الزواج بابنها الفريد من نوعه كامل الأوصاف التي حضت به زوجته بفعل السحر والشعوذة.
ويا ويلها يا سواد ليلها لو تأخرت بالإنجاب او ضهرت بها علة او مرض او انجبت البنات هنا ستنزل عليها الصواعق من كل اتجاه ستشن ضدها الحروب وتجيش الجيوش وسيصبح ليلها نهار ونهارها ليل.
كنت استمع لتلك الأحاديث والقصص المتكررة المتشابهة التي تتلخص بكلمة واحدة (الظلم).
وفي أحد الايام دخلت على حين غرة وقاطعت تلك الحوارات العقيمة موظفة تدعى الست امال كانت مثال للجدية والرقي قالت بكل هدوء مع احترامي لكلم لكني أضن ان كل ما تقولون باطل.
ساد الصمت بينهن لفترة ثم تعالت الأصوات بالاستنكار والاستغراب فأكملت الست امال كلامها ان حبي لولدي يجعلني أحب من يتزوجها وحرصاً على راحته وحياته وسعادته سأفعل المستحيل كي اسعد زوجته فهي ابنة ناس محترمين وتستحق كل احترام ومحبه مني وعلى ان اتجرد من انانيتي وحبي للتملك واستعباد الآخرين وان أضع نفسي في مكان الاخر كي اشعر بما يشعر به.
كانت النظرات الممتعضة تتوجه صوب الست امال لكنها لم تكن تبالي بل أكملت كلامها قائلة ان زوجة ابني أمانة سيحاسبني الله عليها يوم القيامة واليوم انا بصحتي وعافيتي لكني لا اعرف ما مصيري غداً فعلى الانسان ان يحسب حسابه ليوم يكون فيه ضعيفاً مغلوباً على أمره.
الأنانية من طبع البشر ولكن الذي يتغلب على أنانيته ويغلب كفة الإنسانية والرحمة على الأنانية فقد كسب راحة البال ورضا النفس وحب من حوله.
أكملت الست امال كلامها وغادرت المكان لكنها تركت بصمة وأثراً وروحاً طيبة.
قالت احدى السيدات ان الست امال تتحدث عن أشياء خيالية ليس لها مكان في الواقع وهنا جاء الرد مني فأجبتها ان الكلمة الطيبة صدقة وان من المحزن ان يكون الصواب أمراً غريباً غير معتاد عليه وان يكون الخطأ والظلم هو الامر المعتاد الطبيعي في كل بيت وكل أسرة.


0/أرسل تعليق

أحدث أقدم