(عن أهمية ومشروعية بعض أساليب واشكال المقاومة السلبية. لأضعاف وتحجيم اقتصاديا وسياسيا وعسكريا قوى الطغيان المحلي الإقليمي والدولي..)
د. المؤرخ حسن الزيدي
اولا- للمقاومة والممانعة والرفض والتمرد والعصيان (السلبي) معاني عديدة ا أكثر تعددا.. فهي تعني أولا رفض وعدم قبول نفسي وفكري لكل أساليب الاستبداد من منطلق.. من يرى او يلاحظ عملا او فعلا منكرا او مشينا فعليه ان يقاومه بيديه أي (استعمال القوة) او بلسانه ب(الكلمة ) او الصمت السلبي والرفض النفسي وهو اقل وابسط درجات الرفض والمقاومة التي يقابلها من يقول ويفعل الحق ويرفض الباطل امام أي مسؤول حتى لو كلفه ذلك السجن او الموت..
ثانيا- لا يزال التاريخ البشري يسجل مئاتا بل الافا من الأمثلة التي مارس خلالها الانسان أساليب الرفض المباشر لظلم او استبداد او طغيان.. فتعرض للسجن او الموت او الهروب أي الهجرة السياسية.
ثالثا- كما ان التاريخ البشري لا يؤشر فقط الحالات الفردية للمقاومة والاستشهاد بل أيضا مقاومة الجماعات السياسية (حزب)او أحزاب او (أقليات عددية قوميا او دينيا) نتيجة تعرضها لهيمنة وطغيان الاكثريات القومية والدينية او السياسية.
رابعا- الطغيان والظلم والدكتاتورية ليس فقط سياسيا بل قد يكون اقتصاديا وهو استغلال الطاقات البشرية (العمل بالمجان او شبه المجان) وقد يكون فكريا أي هيمنة اتجاه ديني او سياسي واحد او غزوا او استعمارا...
خامسا- العبودية واستعباد الانسان للإنسان هي أظلم صور وحالات الظلم..
سادسا- استعمار واستعباد الشعوب القوية تقنيا واقتصاديا للشعوب الفقيرة هو (احدى حالات الظلم الجماعي الوطني)
سابعا- ليس كل الناس لديها المناعة او القدرة او الوعي لكي يميزوا بين الفعل او العمل الظالم او السيئ. وليس كلهم لديهم القدرية والقابلية على تحدي المقاومة. لان وعي الناس يتباين حسب الاعمار والمراحل الزمنية والبيئات والثقافات.. فتتباين أساليب وطرق كل منهم لمقاومة ورفض فعل او قرار سلطوي مستبد.. حيث يظهر من يكون أكثر حماسة وشجاعة واخر اقل وثالثا غير مباليا ولم يجد طبقا لوعيه مبررا للنقد او الانتقاد والمقاومة بل يعتبره تحصيل حاصل وقدر روحاني من منطلق ان لملوك والسلاطين والامراء والخلفاء هم وكلاء السماوات على الارض وهم مقدسون ولا يخطؤون ومقاومتهم غير مشروعة..
ثامنا- من امثلة التاريخ للمقاومة السلبية
1-التمردات التي حصلت في الحقب الفرعونية اثناء بناء الاهرامات. حيث تعرض الافا منهم للموت
-2 الشهيد سقراط الفيلسوف وهو أستاذ قلاطون وارسطو وولد في اثينا عام 470قم كان يدعو ويحث على معرفة الحقيقة والمعرفة وتم سجنه ووفاته منتحرا بالسم عام 399قم لاتهامه بتثبيط عزائم مقاتلي اثينا في مواجهة سكان جيرانهم واخوتهم في اسبارطة حيث كان يدعو للسلم ويدين الحرب العبثية بين الاخوة في الأرض واللغة.
3- تمرد الاسرى في رومة. بين73/71قبل الميلاد بقيادة سبارتاك وهو من مقاطعة تراقيه التي تقع حالي بين بلغارية ورومانية ومولدافيا وشمال مقدونية حيث تم اسره مع زوجته والافا من أبناء قومه. كما تعاضد معه العبدان كليكسوس و(اوناميوس ) من بلاد الغال وكذلك (غاني كوس )من (مقاطعة كلتي الاوربية) وهي حرب العبيد الثالثة او حرب المصارعين وهي اخر ثلاث تمردات وعصيان للأسرى عند الرومان الذين قتلوا المتمردين. علما بانه كان 1من كل 5 اشخاص في رومة من العبيد. أي ان العبيد كانوا في فترة الملكية الرومانية بين 753 وهو تاريخ نشوء رومة حتى عام 509قم ومن بعهدهم النظام الجمهوري الروماني الذي امتد بين 510/27 قبل الميلاد يشكلون /20 من سكانها وكانوا يشكلون خطرا كما يقول (المؤرخ البريطاني مارك كإرتريات) وكانوا محرومين من كل الحقوق بل كانوا كأنهم بضائعا وسلعا يباعون في أسواق رومة.. لذلك يعتبر البطل الشهيد سبارتاك أحد رموز تحرير العبيد في رومة. لأنه اقنع بعضا من زملائه على العصيان والتمرد على ساداتهم الذين قتلوهم.. لكن (الاباطرة الرومان) حكموا بين 27 قم و476 بعد الميلاد قرروا وضع شروطا مرنة جدا للعبيد والأسرى.
تاسعا- من بين الأمثلة الحديثة على العصيان والمقاومة السلبية..
1-(الفيلسوف الأمريكي هنري ديفد تورو) عاش بين 1818/1862 اول من استعمل أسلوب الرفض او العصيان او التمرد ضد سلطات بلاده حيث ادان الحرب الامريكية ضد المكسيكية ورفض دفع ما سميت في حينه (ضريبة الحرب التوسعية ) التي اعتبرها باطلة.
2- المهاتما غاندي (أبو الهند الحديثة) ولد عام 1869 واغتيل في 1948.1.30 من قبل متطرف سيكي.اتبع غاندي منذ عام 1920سياسة اللاعنف اتي تمثلت بدعوة مواطني بلاده بعدم شراء السلع البريطانية والتهرب من الخدمة من الشرطة والجيش والدوائر والبيوت لأرباك السلطات البريطانية والعمل على تشجيع الأنشطة الفردية الزراعة وورشات الغزل والنسيج المحلية لمواجهة هيمنة السلطات الإنكليزية في شبه القارة الهندية لمدة ثلاثة قرون واجبرها على التفاوض معه منذ عام 1936 وتحقيق استقلال بلاده في عام 1947
3- الملاكم محمد علي.. كان من بين من رفض بين 1954/1972التجنيد في الحرب الأمريكية العدوانية ضد فيتنام.
4- الإضرابات العمالية.. في معظم الدول الاوربية أدت ولا زالت أدوارا هامة في تحجيم جشع الصناعيين واجبارهم على ان يوفروا كثيرا من الحقوق للعمال منها مثلا تقليل ساعات العمل وشروط افضل للعمل و زيادة نسبية للأجور وزيادة أيام الاجازات المدفوعة الاجر والضمان الصحي والتقاعدي. ولا زالت النقابات النشطة مستمرة باستعمال سلاح الإضرابات لتحقيق المزيد من المكاسب المهنية والاجتماعية.
ابرز مثال معاصر هو اضراب عمال موانئ بولونية في عام 1989 بقيادة ( ليخ فاونسا) عضو ومؤسس (نقابة تضامن ) ضد نظام الشيوعي براسة (فويتشيخ ياروزيلسكي ) بين 1985/1989 وصار فاونسا بين 1990/1995 اول رئيس بولوني غير شيوعي منذ عام 1945وساهم بل وعجل بتحرر الدول الاوربية الشرقية ودول اسية الوسطى من الاتحاد السوفييتي وتفكك الاتحاد السوفييتي نفسه حيث لم يبق منه غير (روسية ) التي لازالت تهيمن قسرا على جمهورية بيلا روسية البيضاء والجمهوريات الإسلامية في القوقاز ..
تاسعا- فيما يتعلق بالعراق.. فانه منذ الاحتلال الأمريكي في 2003.4.9 بالتعاون مع مجموعات من العملاء والسراق باسم المذهب بالنسبة للمسلمين السنة والشيعة على السواء وباسم القومية بالنسبة للكرد.. فحطموا كل شي فيه ..نهبوا ثرواته وخيراته وحولوه لبلد من بلدان العالم الخامس وتسلحوا بأسلحة رجعية ومتخلفة وهي أسلحة المذاهب او القومية العنصرية مع تنظيمات ميليشيات مسلحة مذهبيا وعنصريا فسجنوا اكثر من ربع مواطن وقتلوا نصف مليون وهجروا خمسة ملايين وهمشوا كل صنوف القوات المسلحة وتضاعفت الامية والبطالة وكثرت الجريمة والتفكك الاجتماعي ..ولم يبق في العراق كثيرا من الوطنيين النزيهين. لذلك يصعب تبديل هذا النظام البائس والعميل بالقوة بل يمكن اضعافه وتقليل مخاطره من خلال (المقاومة السلبية أي سياسة اللاعنف) من خلال اتباع بعض الوسائل منها...
-استمرار وتكثيف التظاهرات السلمية وتوسيع نطاقها لتشمل كل لمحافظات العراقية بما فيها محافظتي النجف وكربلاء والانبار وصلاح الدين ونينوى ومحفظات أربيل والسليمانية ودهوك
-على كل وطنية ووطنية نزيه ان يكونوا نماذجا حسنة في النزاهة وفي الإخلاص بالواجبات العامة تجاه المواطنين لإعادة الثقة بالدولة التي يحاول الاخرون تغييبها كليا.
-الاستمرار بتعرية كل ممارسات السلطات الروحية والمدنية والشر طوية والمليشاتيه
-العمل قدر الامكان على مقاطعة السلع الإيرانية والتركية وتفضيل المنتجات المحلية حتى لو كانت اقل جودة وأغلى اسعارا
-تبني شعارات وطنية عامة جامعة وليست ذات طابع ديني او طائفي او عنصري او حزبي. مثل لا لأميركة ولا لإيران ولا لتركية ولا للسعودية.. نعم لسياسة حسن الجوار نريد وطنا. نازل اخذ حقي. نريد جيشا وطنيا لا مذهبيا ولا عنصريا ولا فئويا.. تحي الاخوة العربية الكردية. نعم للحقوق الثقافية لكل الأقليات القومية والدينية في العراق.. نريد انتخابات برلمانية نزيهة. نريد محاسبة العملاء والخونة والقتلة والفاسدين.. نريد دولة مدنية علمانية لا دينية. الخ
التأكيد الاخوة العراقية القومية والدينة بين العرب والكرد والتركمان وبين المسلمين والمسيحيين والصابئة واليزيدية وغيرهم.
-العمل قدر الإمكان على مشاركة النساء في كل الأنشطة والفعاليات المدنية
-استثمار الأجهزة الإعلامية من اذاعت ومحطات تلفزيون وصحف ومجلات وانترنيت في الكتابة ليس فقط بفضح ممارسات وجرائم النظام العراقي بل طرح وتبني بدائل وان العراق لا يزال وسيبقى ولادا للنساء والرجال المخلصين وانه لن يموت
-تشجيع ودعم كل عمل نقابي مهني او حزبي نزيه.
- مقاطعة الانتخابات النيابية لعدم إعطاء شرعية لنظام عميل ورجعي
-لا ينبغي وضع كل رجال الدين ورجال السياسة في العراق في سلة واحدة بل تصنيفهم بين عميل جدا وطائفي جدا وعنصري جدا وسارق كبير ومجرم خطير وبين انتهازي وجبان وبين مخلص صامت..
- لا ينبغي الاعتماد على اية قوة إقليمية او دولية في اجراء تغيير وطني إيجابي في العراق لان لكل منها مصالحها واطماعها بل ينبغي الاعتماد دائما على القدرات الذاتية لكيلا تضيع الجهود الوطنية
عاشرا- فيما يتعلق بشعبنا الكردي في العراق.. على كل وطنية ووطني في العراق ان يقر تلقائيا وعلنا بالحقوق الجغرافية والتاريخية والثقافية لشعبنا في (كوردستان العراق) وفي حق تقرير مصيرهم بحكم ذاتي متكامل في العراق الموحد وفق قواعد وقوانين الحكم الذاتي المعمول بها في عشرات الدول ومنها فرنسة فيما يتعلق بشعوبها في مقاطعات الكورس والباسك والبروتون والريونيون وكواد لوب والمارتينيك وغيرها وفي اسبانية فيما يتعلق بمقاطعتي الباسك وكتالونية وفي الولايات المتحدة فيما يتعلق بجزر هاوي وفي روسية فيما يتعلق بالشعوب القوقازية. كما ينبغي دعم النضالات المشروعة لأخوتنا الاكراد في كل من إيران شرقا وتركية وشمالا لنيل حقوقهم الجغرافية والثقافية في حكم ذاتي حيث لم تعترفا حتى الان بمعظم حقوقهم الجغرافية والتاريخية والثقافية..
كما ان الوطنيين العراقيون والعراقيات من الاكراد عليهم كما كانوا على مدى القرون ان يكونوا عونا وسندا لأخوتهم العرب من المسلمين والمسيحيين واليزيدية وغيرهم من الأديان والقوميات التي تعيش في كوردستان العراق وفي كل ارجاء العراق.
إرسال تعليق