أَجَل: هَكذا تُورَدُ الإبِلُ ياغَزَّةَ

مشاهدات



علي الجنابي – بغداد 


قَد قُدِّرَ لفلسطينَ أن تكونَ مُباركةً وأرضَاً للرِباطِ ، ومَسرىً لنَبِيٍّ كريمٍ أمين، وآذانَاً في فجرٍ مُقيم، وبَأسَاً لسيفِ (حِطينَ)، ووَهجاً ل"حَمَاس". وما كانَ قَدَرُها مَقدوراً لأن تكونَ مُتهالكةً وأرضَ للإحباطِ، ومَرعىً لبَغيٍّ رجيمٍ هَجين، وأوانَاً في هَجْرٍ مُليم، ورِجسَاً لزيفٍ وتوطينٍ، ونهجاً لأرجاس.

وما هَضَمَ ربُّنا يهودَ لمّا ضُرِبوا بِذُلَّةٍ أينما ثُقِفوا وبمَسكنةٍ ويتخاتلون:ألّا مِساس.

وما ظَلمَ قُرآنُنا يهودَ إذ يقولُ (أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَىٰ "حَيَاةٍ")، وقردةٌ وأنجاسٌ.

وما عَلِمَ التاريخُ ولا خَطَّ عن يهودَ موقِفاً مُشَرِّفاً قَطّ، لا تَواتراً، ولا في قِرطاس.

وما حَاربَت يهودُ العَرَبَ -في عصرِنا- إلّا في ثلاثٍ، بَعدَما ضَمِنَت أنَّ حُكّامَنا فاقِدونَ للحَماسِ والإحساس، بلِ والحَوَاس.

ألا فبُعداً لحُكّامٍ دُرْمٍ، والدُرْمُ هو فَمٌ فاقدُ الأسنانِ والأضراس، وهل يَنتصِرُ جيشُ إسودٍ يقودُهُ نسناسٌ بلا أضراس!

لكنِ التاريخُ قد سَجَّلَها علينا، وكِدنا نُؤمِنُ له أنَّها إنتكاساتٌ ونكباتٌ وإرتكاس.

ثمَّ..

أقبَلَت خيلُ "غَزَّةَ" تَصهلُ ب "حماس"، لتُعيدَ موازينَ الرّجولةِ وتَعدِلُ المكيالَ والمقياس،

ولتُبيدَ ما أصابَهُ من غِشٍّ ومَكرٍ وإنعكاس، ولتُفيدَ أنَّ الرِّباطَ قائمٌ حولَ قدسِ الأقداس،

وألّا نومَ لغَيرةِ الرّجالِ، وأنِعمَ بهم من رجالٍ حُرّاس،

وأنَّ العربيَّ يأبى فزَعَاً وخنوعاً وأنتكاس، رغمَ تَثبيطِ حُكامِهِ وتنطيطِ عمائمِهِ ليَظَلَّ قابعاً في وِهواس.

وأنَّ النَّصرَ مَعقودٌ بنواصيَ أهلِ الإيمانِ والقِسطاسِ، وكَمْ من فئةٍ قليلةٍ غَلَبَت على قِلَّةِ ماعندَها من عدّةٍ وخَيلٍ وحديدٍ ونحاس،

وأنّهُ لم تَزَلْ خيوطُ الشّمسِ بيدِ رجالِ الضّادِ إن نَزَلوا من بَغلَةِ النُّعاس، وأعتَزَلوا الرّانَ، وغَزَلَوا خيوطَ الشّمسِ، وكفروا بهزِّ الوسطِ في الأعراس.

لقد أبانَت لنا "غَزَّةُ" وخَيلُ "حَماس": أنَّ حُكّامَنا و حُكّامَ الأرضِ أجمَع كَذّابونَ بإفلاس، وأنَّ بنودَ (هيئةِ الأممِ) أفّاكةٌ بإبلاس، وأنَّ ميثاقَها أنجَسُ من خِرقَةٍ لأَمَةٍ في طورِ النِّفَاس، يَأبى أن يدوسَها قدَمٌ لكَنّاسٍ، ولو كانَ مُنتَعِلاً لمَداس.

تِلكمُ دروسٌ مُستَنبَطةٌ من رَحِمِ التراثِ، وما هي من كتبِ (سارتر) ولا (غوته) بإقتباس، فلا حاجةَ ليَ بهرطقاتِ(نيتشه) وعنديَ من كنوزِ تراثيَ أكداسٌ وأكداس، بل عَلّمَتني غَزَّةُ لمّا كانت في صَولةٍ معَ القردِ بتماس، فَفَرَّ القِردُ الى الجُحُورِ مَذعوراً ومُتَقَطِّعَ الأنفاس، وعَجَبي!

فالعُرْفِ أن يَتَسَلَّقَ القِردُ ماحَولَهُ من غِراس، أن أَتَاهُ نَمِرٌ بِشَهوةِ الإفتِراس، فما بالُ هذا القردُ يَنطَمِرُ في جُحرِ جُرذٍ رطبٍ بإستئناس، وبشَقوةٍ مُرتَجِفَةٍ لياليَ وأياماً بأحتباس؟

أنا لا أزعمُ أنّي محلّلٌ سياسيٌّ، وماعندي بسمةٌ دبلوماسيّةٌ تشفعُ لقلمي العَطّاس، ولا بدلةٌ وربطةُ عنقٍ تدفعُ بكلماتي في صحفِ يتزعّمها الوسواسٌ الخناس. أنا كاتبٌ بجهالةٍ، وجاهلٌ بكتابةِ "فنِّ المقالة"، وماعنديَ فيها من أساس، وأظنُّ أنَّ (فَنَّ المقالةِ) في السياسةِ أمانةٌ ثقيلةٌ، ومُحَرَّمٌ على الخانعِ، ومَن يضربُ أخماساً بأسداس، وعلى الناقرِ دفّاً يومَ ميلادِ الزعيمِ طَمَعاً في خاتمٍ من الماس، وبربطةِ عنقٍ وعِطرٍ باريسي، ومن "روما" سيأتونهُ بالمداس.

إنَّ "فَنُّ المقالة" في السّياسةِ مُباحٌ لمَن يوَقِّرُ التّراثَ بأصالةٍ وإحساس، ويُبَقِّرُ بقلمهِ بَطنَ عَدوِّهِ بينَ النّاس، حينَ  يحمي الوطيسُ وتدُقُّ الأجراس، ويُحَقِّرُ حُكامَ أمَّةِ هُمُ:

إمّا جِنٌّ، إمّا أشبَاحٌ، أو ظِباعٌ  تَفتَرِسُ الضَّحيَّةَ حَيَّةً بمُتعَةٍ وإنغِماس!



 alialjnabe62@gmail.com

0/أرسل تعليق

أحدث أقدم