نضال العضايلة
سلام الحركة فتاة عربية جمعت الهوية العربية من كافة اطيافها، ولملمت جراح الأمة تحت جناح واحد، فالأشياء لا تُرى بمنطق الغائب إنما بقدرتها على الولوج إلى عالم واحد وضعته إلى اليسار من صدرها ليصبح القلب ينبض بتراتيل عربية اصيلة.
لا أعرفها شخصياً، ولكني عرفتها من خلال انتماؤها الفريد من نوعه، فقفز إلى الواجهة سؤال جعلني ابحث عن اجابته بتفاصيلها، من هي سلام الحركة؟، تحديداً.
الإجابة كانت، إن تجمع الوطن العربي الممزق والجريح في قطعة لحم لا يتجاوز حجمها نصف كف اليد وبهذا القدر من الحب والانتماء، فهذا يعني أنك تتحدث عن الفتاة العربية فلسطينية الهوى، لبنانية الهوية، سورية الانتماء، عراقية المحن، يمنية الموقف، تلك التي تعيش هناك في أقصى بقاع الأرض في بورتوريكو، لكن عقلها وقلبها معلقين في الشرق العربي الذي يأن من الجراح التي اتخنته.
سلام الحركة فتاة عربية جمعت الحياة والوطن والحب والجمال والألم، وجدت نفسها في بلاد الغربة تنصف العروبة أمام داء الغرب وامتحان سحره المثير، امرأة من نوع خاص، وجدت فيها كل ما كنت أتوقع سماعه تجربتها الغربيّة والمقارنات غير المتناهية التي اعتدنا سماعها من كل من تسنى لقدمه أن تطأ تراباً غير ترابنا ولو لبضعة أيام، ترابًا ذراته بها ما يكفي لصناعة المعجزات، وهواءً منسوجًا من أجود أنواع الفكر يغنّي الحرية بصوت أوبرالي، ولم يخطر ببالي أن يشغل مساحة قلبها شوقها العربي وعطشها غير المتوقع لعروبتها، تاركة على رف الحديث الغزل الغربي الرتيب المعتاد.
سلام الحركة عاشقة وطن ظُلم بوَسم ضرورة الفرار، وسوط الحنين كان جلادها، وبعض الحب يرتبط بالذكرى ويسكن صاحبه مهما ابتعد، حينها لا شيء يمكنه تحجيمه لأن الحمام الأبيض يسجي جسر السلام بداخلنا، الجسر بين الحنين والغربة، ولعلي لا ابالغ ان قلت ان سلام هي الحمامة التي ارسلها الله لتوقد شموع الحياة في نفوس الشباب العربي.
لا أحد يسألني عن حياتها ولا احد يطلب مني أن اسرد سيرتها الذاتية، فبالاضافة إلى اني لا أعرف عنها شيء فأنا اقرأ تفاصيلها الجميلة كفتاة عربية تحمل بداخلها وطناً بكامله، فتحية من القلب لسلام الحركة.
ولعلي هنا اخالف نزار قباني عندما يقول حين يجتمع الذكاء والخيال وكيد النساء في امرأة ، تأكد أنك في مأزق، واقول تأكد انك امام امراة من طراز فريد وهكذا هي سلام الحركة التي تعود جذورها الى اربعة بطون عربية هي قحطان وقضاعة وتغلب والفضل من حوران.
لن تشكر أحدهم باستعمال عبارات تدل على هويتك أو دينك، ستتردد ألف مرة قبل أن تتصرف أي تصرف قد يفهمه الآخرون جهلاً أو تطرفاً، ستكون قوياً وأنت في أقصى مراحل ضعفك لتثبت لهم أنك لا تختلف عنهم، ستعيش سلام حرة كريمة، نعم، لكنها ستبقى تشعر دائماً بأنها نقطة حمراء وسط لوحة تتناسق كل ألوانها ما عدا الأحمر.
باختصار الوطن عند سلام الحركة هو ذلك الطفل الصغير الذي يخطئ، يكسر زجاج النافذة ويصيبك بجروح، تعاتبه، لكنّ ذلك لا يعني أنك ستتوقف عن حبه، سيضمد جرحك وستجمعان الزجاج المنكسر معاً.
إرسال تعليق