وراء القضبان

مشاهدات



الإعلامية ندى الكيلاني




مضت شهور و مازلت هنا 

أراقب من بعيد و أختلس النظرات إليك 

و أنا جالسة أمام نافذتي المغطاة بالحديد 

أتسمر كل صباح و كل مساء على كرسي الخشبي 

لانتظرك أنتظر ذهابك و أنتظر رجوعك 

كالطفل ينتظر والديه 

لا أعلم ماالذي يجذبني إليك 

لا أعلم لماذا أنت 

و لا أعلم إلى أين سيأخذني هذا الطريق 

تقف أمامي دقائق فقط 

ريثما يأتي صديقك ليأخذك 

و أشعر حينها أنك سترحل سترحل إلى البعيد 

و عندما تعود يعود الأمل يعود الفرح 

و كأنك قائد المعركة الذي عاد منتصرا من جديد 

لم تشعر بي يوما 

و كيف لك أن تراني 

و أنا مجرد ظل يتخفى وراء الصقيع 

مجرد وهم مجرد رماد 

مجرد حب مستحيل 

كانت هذه الدقائق تكفيني 

لأكمل يومي يومي الفارغ 

الصامت القاتم الشحيح 

كنت أحيانا أتمالك ثقتي المقتولة 

و أحاول أن أخرج قبل وصولك 

أحاول أن أخترع أي شيء 

لعلك تلحظ وجودي 

لعلك تميل 

و خرجت يوما و افتعلت أشياء غبية 

و وقفت جانبك أرتدي حطام السنين 

حاولت لفت نظرك برمي قبعتي الباهتة لالتقطها من جديد 

أصدر أصواتا أمسك هاتفي المقفل 

و أخترع اتصالا و أتحدث 

لكن هيهات فكيف لك أن تلتفت للاشيء 

أعود إلى غرفتي اليتيمة 

أجر ذيول الخيبة منكسة أعلامي و أشرعتي 

فلم أخسر معركة بل خسرت أرضي و سمائي 

خسرت وطني خسرت نفسي و أعلنت استسلامي 

كيف لي أن أشتري الأمل 

كيف لي إحياء القتيل 

كنت لا أملك سوى تلك اللحظات 

التي أراك فيها تحييني تملئني 

ترفعني تسحرني و تصرعني ببطئ شديد 

كنت أتخيلك أمامي و أؤلف قصة 

تحمل أجمل و أروع كلمات العاشقين 

أهمس لك في أذنك كم أحبك 

و تهمس لي أنك لا تصدق أنك لي 

تغرق في عيني و أغرق في عينيك 

أتلمس يديك و تتلمس يدي 

نشعر أن قلبينا سيخرجان من قوة الحنين 

ترتجف أضلاعنا تبرد أطرافنا 

و نتمنى أن لا ينتهي اللقاء الوهمي 

و أن يتوقف الزمن و أن لا نفرق 

بين الحقيقة و بين الخيال المستحيل 

تقع زجاجة عطري و تتحطم 

فأستيقظ من حلمي الجميل 

أسرع إلى نافذتي مجددا 

فقد حان وقت عودتك 

حان وقت عودة الحياة لي 

أسرح شعري الملبد 

و أضع أحمر الشفاه 

على الجلد المشقق 

و أجلس على كرسي أنتظرك 

لعلك يوما ما تنتبه 

لعل الماء يبنع من السراب 

لعل السماء تمطر الأزهار 

لعل الأرض تشفق على الأحياء 

و ترى هذا الشبح القابع 

خلف الصخور و الجدران و آلاف القضبان

0/أرسل تعليق

أحدث أقدم