بانوراما الذكريات من تاريخ سوق الشيوخ

مشاهدات




 ابراهيم الدهش 


تاريخ العراق بصورة عامة  زاهر وحافل بالمواقف و الإنجازات ويستحق المرور والوقوف عند محطاته ، فالبعض من تلك المواقف تستحق الإشادة والتذكير واخرى مروراً عابراً ، ضم تاريخنا العراقي برموز وشخصيات مهمة تركت أثراً كبيراً في حياتنا ، هذه الشخصيات سوف نتحدث عنها لاحقا ،، 

البداية عن رياح عصفت في حياتنا حاولت ان تمحو ذكريات الماضي الجميل ، مفردات وكلمات متداولة في حياتنا اليومية ، رغم أنها هذا الجيل لم يفهم معناه . . كلمات معربة دخل البعض مع دخول الاحتلال العثماني ومنها من كانت تركية وأخرى  من دول مجاورة وبعض منها مستنبطة من اللغة العربية الفصيحة .. انقرضت ليس مع الديناصورات بل إن حداثة اللغة والتحضر كان من دواعي اختفائها ، ففي تلك الفترة والبيوت القديمة كان الحوش ويقصد به البيت المفتوح السقف والغرف محيطة به وهنالك الدهليز وهو الممر المؤدي الى الباب الرئيسي وأيضا الدلگ اي العمود الخشبي الساند للسقف والقخمة وهي عبارة عن شباك يرفع بطريقة الكبنك الى الاعلى ويكون غالبا في الأرسي وهو عبارة عن دار الضيافة يحتوي غالبا عن الفاتية بمعنى المكان الذي يوضع المستلزمات البسيطة العائدة للبيت وصندوق السيسم وغالبا ما يستخدم في وضع مستلزمات العروس ومن شروط (النيشان) صندوق السيسم والكنجينة ايضا مكتبه بسيطة في داخل الحائط وأيضا الرزة وهي المكان الذي تتوقف فيه القخمة عن الحركة وفي وسط الحوش كان الليوان وهو رديف الأرسي وكان في وسط الحوش البلوعة أو خزان المياه ودائما مغطات بقطعة معدنية وغالبا ما تكون حاوية للمياه الجوفية ، اضف لوجود البستوكة وهي مصنوعة من الفخار وغالبا ما يصنع فيها المخللات ( الطرشي) وهنالك اللالة وهي شبيه بالفانوس وتستخدم للإضاءة اضف الى اللمبة وهي ايضا تستخدم للإضاءة وفي زاوية اخرى كانت الطرمبة وهي الحنفية غالبا ما تكون قرب دورة المياه وعند الانتهاء من الغسل كان البشكير أي المنشف وعند العطش نلجأ الى الحب المكان الذي يضع فيه ماء الشرب او الى الشربة وهي عبارة عن اناء يضع فيه الماء الصالح للشرب وكلاهما الحب والشربة مصنوعة من الفخار لكي تكون باردة وهنالك الكلة وتستخدم كغطاء شفاء لحماية الشخص من الحشرات الصغيرة اثناء النوم في السطح وفي وسط الحوش وربما في احد زواياه كانت بعض البيوت فيها سرداب اي فرفة كبيرة تحت البيت وكذلك الرحة التي يطحن الحبوب وامهاتنا يرتدن الشيلة والخزامة الدبوس الذي تعلق فيه الشيلة والموگد والسماور وغالبا ما يستخدم في الجايخانة اي القهوة التي تتواجد اما باطراف المدينة أو في داخل السوق الكبير و قرب السوق وعلى ضفاف نهر الفرات كان محل المايخانة اي مكان بيع الخمور اضف الى السراي وهو مركز الشرطة وكانت واسطة النقل سيارات النيرن وهي كبيرة شبيه بمركبات منشأة نقل الركاب وكان صوت الريل اي ( القطار ) الذي يطرب السامع وأغنية (( الريل وحمد )) كل هذه المسميات والمفردات التي كانت تزهو في تلك الفترة اختفت عندما قطعت تذاكر الآباء والاجداد من التيتي اي قاص التذكرة في القطار ، واختفى ذلك الماضي الجميل المحمل بالطيبة والنقاء والصدق ولم نكتفي بهذا القدر من الاستذكار بل كان فيض من الذاكرة .. وغالبا ما تكون الساعات المتأخرة من الليلة وقفات تأمل وأستراجع لكثير من المواقف ، قد تكون البعض منها آنية وحديث الساعة وربما من كانت ملتحفة بطيات الماضي الجميل الذي نحن في أمس الحاجة لعودته لما يتمتع من اجواء نقية صافية كالزلال من الخلق والاخلاق لجيل اصبح اليوم في عداد الموتى وهم احياء ، لا اود ان اتحدث في عمق تاريخ لم اتعايش معه ولكن اود ان اتوقف ولو هنيهة لفترة الستينيات او اكثر بقليل لجيل السبعينيات وتحديدا في الايام المباركة من العيد السعيد وانا أستعرض شريط تلك الايام الزاهرة بالخير والعطاء واستذكر في هذه الساعة المتأخرة من الليل تلك الايام البيضاء استذكرها وسط ليلي المعتم ، كنا صغار ننتظر بلهفة ليلة العيد ولم نفهم اي عيد !! هل غدا عيدنا ام عيدهم بمعنى عيد الحكومة أم عيدنا ( الشيعة ) إن هذه المسميات وللأسف الشديد فإنها تتعايش معنا (مشكلة أزلية ) ، لا اود ان ادخل بالتفاصيل لأني لست بصدد هذا الموضوع ولا أود أن اتحدث في السياسة لان الحديث في السياسة مرفوض علما انها تتعايش معنا ومع كل وجبة ،

ننتظر اول يوم العيد ونصحو ( مع طگة البريچ ) مَثل قديم اي منذ الصباح وهذا المصطلح منذ الصغر يتحدثوا به الآباء للدلالة على النهوض المبكر ننهض من نومنا ونخرج البلطلون والقميص الجديد من تحت الفراش لاتستغرب من ذلك ، المكوات مفقودة في تلك الفترة ولذلك كانت مكواتنا تحت الفراش وأثناء النوم يكوى البنطلون وهو تحت الفراش ومن ثم نأخذ ( العيدية ) كانت خمسة فلوس وربما عشرة فلوس تاخذ لكي نذهب الى ( العيد ) وكأن العيد فقد في تلك الساحة البسيطة من المزدحمة بالالعاب !! اي العاب ( دولاب الهوى ) وهو معروف لحد الان والبعض يسميه نفس الاسم والمرجوحة اي الأرجوحة وهي عبارة عن جذعين من النخيل وحبال شدت من الوسط بقطعة قماش او ( جودلية ) وهنالك كانت خيمه صغيرة وفيها ( شاذي ) اي قرد ندخل لمشاهدته بخمسة فلوس وهو يرقص او ياكل ( شاميه ) وفي الجانب الأخر رجل كبير يصرخ ويقول ( انظر ياسلام شوف عينك بالتمام ) كامرة عادية فنشاهد فيها صور ومناظر البعض منها لبيت الله الحرام او مناظر طبيعية وكنا في استغراب من ذلك حيث لاتوجد التكنلوجيا الحديثة . الله استذكرت شيئ جميل ( اللّو ) وهو عبارة عن حلقة حديدية وفيها مقاعد شبيه بالصحن الطائر اليوم ولكن بسيط وبسيط جدا يتحرك ييمين ويسار وسمي بهذا الاسم نسبة الى ( للو الاطفال ) ..استذكر ايضا وفي هذه الساعة الثانية عشر من الليل ايام ما اجملها عل وعسى ارتاح قليلآ من وجع هذه الايام استذكر ( فوق السبة وتحت السبة ) لعبه جميلة واعتقد انها نوع من القمار لم نفهما عندما كنا صغارا اما الآكلات فحدث بلا حرج ( العالوجة والعسلية ) اما اجمل مافي العيد والجميع يستذكر عربة الحصان وكيف كنا نتسابق لكي نصعد في العربة الخلفية ويذهب بنا الى منطقة البطاط ونصفق جميعا ونقول ( عوع يلشايب ما اريده تبززني الحيته ما اريده ) فعلا عوع لكل من خطف تلك البسمة الجميلة ويحاول ان يقضي على ذلك الماضي الجميل

لعب في الذاكرة .. عجبا لأطفال لم تستذوق إلا رائحة البارود وكانها تتعايش مع افلام الأكشن والقتال ، قد يستغرب الكثير عن هذا الجيل اليافع فتحت حدقات عينيه على العنف والقوة نتيجة الاحداث التي نتعايش معا اليوم ومنذ سنين وللأسف !! أستوقفت عند احد المواقف عند مروري المفاجئ قاطعآ سلسة افكار ابني الصغير وهو مندمج مع ( Play staytion ) وهو يشاهد ويلعب تلك اللعبة المدمية !! استذكرت ايام الصبا وفي الأزقة والمحلة و ( الدابين ) الشوارع الصغيرة للمارة . نلعب ونمرح بلعبة المحبة والوئام .. لا بلعبة العنف .. ما اجمل تلك الايام ونحن نلعب الدعبل ، هذه اللهبة الخالده التي لم تتغير وهي منسجمة مع ( الجعاب ) وهو من العظم ، قطعة صغيرة كان فيها ( الصول ) الذي نتصور جميعا انه المنقذ للفوز ، كنا نضع فيها الرصاص بعد حرقه ونحفر ( الجعب ) ونصب في وسطه سائل لكي يكون ثقيل اثناء التسديد والتصوب لمجموعة ( الجعاب ) اما الاطفال الأكبر منا في السن فكانوا يتسابقون في لعبة القوة ( الخرينساوي ) اي اللعبة قائمة بفريقين يدخل احدهما الى الفريق الآخر دون كلام بحيث يلمس احدهما ويعود الى مجموعته دون اي كلام وبهدا يتحقق فوزه اما اذا مسكوه فيكيل الجميع عليه بالضرب لكي يتكلم ويخسر ويصبح الطرف الاخر هو الفائز وهنالك ( الروگع ) عجبا لكتلك الأسماء والمسميات وانا اشاهد ابني محمد وهو مندمج مع اللعبه وانا مبتسم واضح على تلك الايام التى مضى عليها 4 عقود ، أستذكرت لعبة ( عظم الاح ) وهي غريبة تستخدم فيها العصا بضرب عصا صغيرة على قطعتين من الطابوق وتضرب الى ابعد نقطة .. لا اعرف ( التكنلوجيا والتقنية ) فيها ، وهنالك ( غميضة الجيجو ) وهي لعبة جميلة يغمض احدنا عينية وراء الحائط ويختفي اخرون ومن ثم ينطلق في البحث عنه وهذه منتشره في الوسط والشمال من عراقنا الحبيب وفي عاصمتنا اكثر وتسمى ( الختيلان ) وهنالك لعبة للبنات الصغار والبعض من ابناء المحلة يمارسها ( الصكلة ) حركه بالاصابع وحصا صغيرة لعبة جميلة وهادئة اما لعبة البنات والاسم المتداول الموحد ( الطاقة ) وهي تخط بالطباشير امر باي قطعة حادة ويبدا القفز والتنقل وهنالك ( لعبة الحبل ) سميت باسم الحبل لعبة بنات بالقفز وايضا رديف الحبل كان ( جر الحبل ) ايضا يقسم الى فريقين ويسحب احدهما الآخر استذكرت ايضا وانا اشاهد ابني وهو يقاتل في اللعبة استذكرت لعبة الصور اي طبقة من الصور تحوي صور اللاعبين المتميزين في تلك الفترة فلاح حسن او علي كاظم او دوگلص عزيز او مجبل فرطوس وكانهم يشاركوننا في العبة وهنالك صور لترتني للقوة وافلام الكابوي صورهم مجسمة واسخة في ذاكرتنا كما هي الصورة .. وما اجمل صورة لم يمحوها عصف الحياة

0/أرسل تعليق

أحدث أقدم