بقلم / ابراهيم الدهش
إنّ تفاصيل اسم (الشجرة الخبيثة) التي للاسف تطلق على أهلنا من محافظة ذي قار وبعض الأحيان عندما يذكر اسم مدينة الناصريّة وخاصة عندما يكون هنالك موقف سلبي من أحد الاشخاص اتجاه شخص أو مجتمع ما ، وبعض الاحيان تطلق هذه العبارة او مفردة (خبيثة) بدافع السخرية والاستهزاء من أبناء الجنوب عامة وهذا ما لاحظناها جميعا عند الاحتكاك مع المجتمعات من المناطق الأخرى التي لم تفهم المعنى الحقيقي لشهامة وعنوان المواطن الجنوبي.
هي في الحقيقة شيء لا يدعو إلى الخجل أو الإهانة،فإنّ هذا اللقب مرتبط فعلا بأهالي محافظة الناصرية الشرفاء منذ زمن بعيد , ولكن ليس له أيّ علاقة بموضوع "الخباثة" او الخصال التي لا يرتضيها المجتمع . فإن الإنسان هو بطبيعة حاله ممكن أن يكون خبيثا و ممكن أن لا يكون خبيثاً . فما هو أصل هذا اللقب؟ ولماذا يطلق على أهالي منطقة العمارة ؟؟
يعود أصل اللقب الى العام 1920, حيث كان العراق تحت الأنتداب البريطاني و كانت الأوضاع سيئة , و الكل يعرف ماذا حصل في العراق في ذلك الوقت. لقد قامت حركة المقاومة العراقية بقيادة العشائر العراقية و على رأسها " شعلان أبو الجون " مع قادة شيوخ الجنوب الشرفاء و الذين كانوا يمثلون رمزاً للمقاومة العراقية على الرغم من بساطتها و قلّة العدة و العدد .
زمن بين المواقف المشرفة لأبناء الجنوب ، تم إنزال العلم البريطاني ورفع علم الثورة العربية في مدينة سوق الشيوخ . لقد كانت النظرية العسكرية المستخدمة في ذلك الوقت هي طريقة الغوريلا (Gurella Warfare). و تتمركز طريقة الغوريلا على مهاجمة العدو من مختلف النواحي من أجل تشتيت أفكار الجنود و التسبب بأكبر قدر ممكن من الخسائر الى الجهة المعادية . تعتبر طريقة الغوريلا من أنسب الطرق التي ممكن ان تستخدم لمواجهة عدو اكبر و اكثر بالعدّة و العدد , لأنها تضمن اصابة العدو و كذلك الخروج بأقل عدد ممكن من الخسائر .
لقد برع أهالي منطقة الناصرية بهذه الطريقة القتالية وتفننوا بها , و كانوا يكبدون الجيش البرطاني الكثير من الخسائر بالأموال و ألأرواح . و كان من أشهر الكتائب المسلحة لقوات المقاومة هي القناصين . يعتبر القناص من أخطر و أسرع طريقة للتخلص من ضباط و مشاة العدو و ذلك لأن لديه أمكانية إصابة الهدف من على بعد أميال . و لذلك يتم استهدافه بأسرع وقت ممكن في المعارك التقليديّة.
لقد كان القناص في منطقة الناصرية , يتمركز على أعالي النخيل و بين اوراق الشجر , و كان يكبّد العدو خسائر ماليّة و خسائر بالأرواح , مما أدى الى فزع و رهبة الجنود البرطانيين مما جعلهم أيضاً يطلقون لقب ( الشجرة الخبيثة ) على اهالي منطقة الناصرية . التي كانت تتمركز فيها (الشجرة النبيلة ) صاحبة المواقف المشرفة .
في الحقيقة إنّ هذا اللقب يدعو إلى التفاخر لا إلى الإستهزاء من قبل أصحاب النفوس الضحلة التي لا تفهم من العناوين سوى مزج حروف الكلمات.
إرسال تعليق