ثلاث سنوات على دحره.. داعش ينشط من جديد بالعراق ويكثف هجماته؟

مشاهدات



على وَقْع الأزمات السياسية والاقتصادية والصحية التي يعيشها العراق، عاد التدهور الأمني ليضرب بقوة مرة أخرى، خاصة في المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة تنظيم داعش الارهابي بين عامي 2014 و2017.

عشرات الهجمات استهدفت في معظمها النقاط العسكرية للقوات الأمنية من الجيش والشرطة والحشد الشعبي في مناطق متفرقة بمحافظات صلاح الدين ونينوى وكركوك (شمالا) وديالى (شرقا) والأنبار (غربا) إضافة إلى العاصمة بغداد.

هجمات أدت لسقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى، ما ألقى بظلاله على العراق الذي أعلن قبل 3 سنوات النصر على تنظيم داعش الارهابي واستعادة جميع الأراضي التي كان يسيطر عليها، ليفتح الباب مشرعا للتساؤل عن الأسباب التي أدت لعودة نشاطه مجددا.


أسباب أمنية
تتعدد الأسباب التي جعلت تنظيم داعش الارهابي يعاود نشاطه مجددا، إذ يرى عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية هه ريم كمال خورشيد، أن أول الأسباب التي جعلت التنظيم الارهابي يعاود نشاطه يتمثل باستمرار تأثيرهم في سوريا حيث لا يزال التنظيم نشطا في الحدود السورية المحاذية للعراق.

كما يؤكد خورشيد، وهو عضو الاتحاد الوطني الكردستاني، بحسب الجزيرة نت، أن "التنظيم الاجرامي لا تزال لديه القدرة على التحرك بمناطق متعددة في غرب محافظة نينوى وديالى وكركوك وصلاح الدين"، مستغربا من "استمرار الفراغ الأمني في المناطق الفاصلة بين وجود القوات العراقية وقوات البشمركة الكردية".

وأشار، إلى أنها "باتت ملاذا لخلايا التنظيم"، بحسبه.

حكوميا، وبعد كَمّ الخروقات الأمنية التي شهدها العراق، يؤكد المتحدث باسم العمليات المشتركة العراقية اللواء تحسين الخفاجي، أن "عودة تنظيم الدولة لتنفيذ عمليات نوعية كما في السابق يعد ضربا من الخيال"، عازيا ذلك لـ"التكتيك الجديد الذي باتت تعتمده القوات الأمنية في السرعة والاستجابة الفورية للأحداث".

ويضيف الخفاجي في حديثه للجزيرة نت، أن "التنظيم ليست لديه القدرة على التأثير في العراق إلا من خلال بعض العبوات الناسفة والقنص وابتزاز المواطنين، دون أية قدرة على التأثير في القوات العراقية التي باتت تملك زمام المبادرة".

ورغم الخروقات الأمنية، فإن الخفاجي عدَّها ردة فعل على العمليات العسكرية الكبيرة في استعادة السيطرة على جزيرة كنعوص جنوب محافظة نينوى، فضلا عن جبال مكحول والخانوكة وجزيرة أم جريش في محافظة صلاح الدين، مؤكدا أن التنظيم يحاول نسب بعض النزاعات العشائرية لأفعاله.

من جهته، يرى رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، أن الحكومة السابقة لعادل عبد المهدي لم تعمل على استدامة النصر على التنظيم، وعطّلت كثيرا من عوامله التي حفزت التنظيم على العودة لنشاطه.


أسباب سياسية
وفي حديثه للجزيرة نت يشير الشمري للأزمات السياسية التي تعيشها البلاد والتي تنعكس بشكل كبير على الوضع الأمني، لافتا إلى أن ما وصفه بـ "الارتباك الأمني" جاء نتيجة انشغال الحكومة بكثير من الملفات السياسية، معلقا بأن هناك متلازمة بين الوضع السياسي والتدهور الأمني.

كما اعتبر الشمري أن لدى بعض الأطراف الإقليمية مصلحة في بقاء التنظيم من أجل تمددها في العراق، لافتا إلى أن الأشهر التي تسبق الانتخابات المبكرة ستكون متأزمة سياسيا وأمنيا، وأن المسؤولية في ذلك تقع بشكل كبير على حكومة مصطفى الكاظمي التي نجحت إلى حد ما في تحييد المؤسسة الأمنية وإبقائها بعيدة عن الصراع السياسي.

وبحسب السياسي ومحافظ نينوى الأسبق أثيل النجيفي، فإن عدم معالجة الأسباب الحقيقية للتطرف أدى لعودة نشاط تنظيم الدولة، ويعتقد أن الحكومات لم تعمل على معالجة الأسباب التي أدت لظهور التنظيم، واصفا الإجراءات المتبعة بـ "الوقتية" والتي تؤدي لإضعافه فقط دون القضاء عليه.


حلول ترقيعية
النجيفي وفي حديثه، يعلق بالقول "ليس هناك منهج واضح لمكافحة الإرهاب سوى سحق المناطق التي تواجد فيها الإرهابيون، وسحق هذه المناطق يعني مزيدا من الإحباط والحقد والفقر وهي جميعا من أسباب ظهور الإرهاب وعودته".

أما عن عودة استهداف التنظيم الارهابي للمناطق ذاتها التي كان يسيطر عليها، فيؤكد أن مكافحة الإرهاب في المناطق السنية لا يكون إلا بتقوية المعتدلين في المجتمع وتمكينهم من محاربة الإرهاب في ديارهم، لافتا إلى أن المجيء بقوات "غريبة" والإبقاء على ضعف المجتمع وتعريضه للظلم إنما هي مكافحة مؤقتة يعود الإرهاب بعدها.

ويذهب الخبير الأمني والإستراتيجي فاضل أبو رغيف في تحليل الأحداث ليعلق بأن التنظيم انتهازي ويغتنم جميع الثغرات والمناطق الرخوة بين المحافظات الشمالية والغربية لتنفيذ عملياته.

ويمضي أبو رغيف في حديثه، ليؤكد أن لكل هجوم خصوصية معينة، فحادثة استهداف القوات الأمنية في وادي المسحك بمحافظة صلاح الدين قبل أسبوعين، كانت نتيجة عدم خبرة قوات الشرطة المحلية، ما أدى لوقوعها في كمين أدى لمقتل وجرح العشرات.

أما عن قدرة العراق الاستخبارية، فيكشف أن خلية الصقور تلعب دورا مهما في تفكيك خلايا التنظيم من خلال القبض على عشرات المنتمين للتنظيم، كاشفا عن أن الأيام الماضية ومن خلال جهد استخباري نشط، تمكنت هذه الخلية من كشف 570 حزاما ناسفا كانت مخبأة في أحد الأوكار بمحافظة الأنبار.


التحالف الدولي
يعزو العديد من الخبراء دحر التنظيم، إلى أن التحالف الدولي كانت له اليد الطولى في ذلك، وهو ما يؤكده خورشيد في أن دعم التحالف الدولي تراجع في الآونة الأخيرة بسبب استهداف مقراته وأرتاله العسكرية فضلا عن الهجمات المتكررة على السفارة الأميركية في بغداد.

وهو ما أدى بالمجمل إلى خلل في التنسيق الأمني، وبالتالي تراجع الدعم اللوجستي للقوات العراقية، مستدلا بتراجع دور طائرات الـ "إف-16" (F-16) العراقية بعد انسحاب القوات الأميركية المشغلة لها.

على الجانب الآخر، ينفي المتحدث باسم العمليات المشتركة ذلك، ليؤكد أن التحالف الدولي لا يزال يعمل في العراق من خلال الاستطلاع الجوي والمعلومات الاستخبارية، لافتا إلى دور حلف الناتو واستمراره في تدريب القوات العراقية.

أما النجيفي فيقرأ الأحداث من منظور آخر يتمثل بأنه ومنذ أن طالب العراق بانسحاب القوات الأميركية، ازدادت هجمات التنظيم مستغلا تراجع دعم واشنطن العسكري الذي كانت نتائجه واضحة للعيان.

وبالعودة إلى أبو رغيف فيرى أن البلاد بحاجة لسنوات من أجل القضاء على التنظيم، عازيا ذلك إلى أسلوب عمل التنظيم "العنكبوتي" في استدراجه لأبناء معتقليه ومشرديه ونازحيه، وبالتالي تحتاج البلاد إلى فلسفة احتواء وهيئات مناصحة وإعادة تأهيل لأصحاب الفكر المتطرف.

ولا يخفي أبو رغيف الحاجة المستمرة للدعم الدولي من أجل ضبط حدود البلاد مع 6 دول، خاصة مع سوريا حيث النقاط التي وصفها بالأكثر ضعفا، بسبب استمرار الصراع هناك واستمرار نشاط تنظيم الدولة بالقرب من الحدود مع العراق.

0/أرسل تعليق

أحدث أقدم